منتدى احلى بنات عالم من احلام البنات

center]
السلام عليكم
عزيزتي الزائرة سجلي معانا زانضمي لاسرتنا الحلوةاحسن وافضل القصص في الدنيا -- الجزء الثاني-- 76297
واذا كنت عضوة ادخلي شوفي الجديداحسن وافضل القصص في الدنيا -- الجزء الثاني-- 76297
مع تحيات الادارة
احسن وافضل القصص في الدنيا -- الجزء الثاني-- 76297احسن وافضل القصص في الدنيا -- الجزء الثاني-- Candy0012[/center]




انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى احلى بنات عالم من احلام البنات

center]
السلام عليكم
عزيزتي الزائرة سجلي معانا زانضمي لاسرتنا الحلوةاحسن وافضل القصص في الدنيا -- الجزء الثاني-- 76297
واذا كنت عضوة ادخلي شوفي الجديداحسن وافضل القصص في الدنيا -- الجزء الثاني-- 76297
مع تحيات الادارة
احسن وافضل القصص في الدنيا -- الجزء الثاني-- 76297احسن وافضل القصص في الدنيا -- الجزء الثاني-- Candy0012[/center]


منتدى احلى بنات عالم من احلام البنات

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

•●✿❤ للبنات فقط ❤✿●•

     

 

 


           
مرحبا عضواتي الكريمات اتمنى المنتدى أعجبكم
اريد تنشيط المنتدى فلنظوره هذا المنتدى فيه كل ما تحتاجونه
                  
       يلا سجلوا يا زوار فلن تندموا
            
 


   
 

لوحة شرف منتدى احلام البنات




soOoN
soOo

 

مع السلامة

    احسن وافضل القصص في الدنيا -- الجزء الثاني--

    Anonymous
    ????
    زائر


    hgt احسن وافضل القصص في الدنيا -- الجزء الثاني--

    مُساهمة من طرف ???? الجمعة ديسمبر 18, 2009 12:06 am

    صالح عليه السلام


    نبذة:


    أرسله الله إلى قوم ثمود وكانوا قوما جاحدين آتاهم الله رزقا كثيرا ولكنهم عصوا ربهم وعبدوا الأصنام وتفاخروا بينهم بقوتهم فبعث الله إليهم صالحا مبشرا ومنذرا ولكنهم كذبوه وعصوه وطالبوه بأن يأتي بآية ليصدقوه فأتاهم بالناقة وأمرهم أن لا يؤذوها ولكنهم أصرواعلى كبرهم فعقروا الناقة وعاقبهم الله بالصاعقة فصعقوا جزاء لفعلتهم ونجى اللهصالحا والمؤمنين.


    سيرته:


    إرسال صالح عليه السلام لثمود:


    جاء قوم ثمود بعد قوم عاد، وتكررت قصة العذاب بشكل مختلف مع ثمود. كانت ثمود قبيلة تعبد الأصنام هي الأخرى، فأرسل الله سيدنا "صالحا" إليهم.. وقالصالح لقومه: (يَا قَوْمِاعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ)نفس الكلمة التي يقولها كل نبي.. لا تتبدل ولا تتغير، كما أن الحق لا يتبدل ولا يتغير.


    فوجئ الكبار من قوم صالح بما يقوله.. إنه يتهم آلهتهم بأنها بلاقيمة، وهو ينهاهم عن عبادتها ويأمرهم بعبادة الله وحده. وأحدثت دعوته هزة كبيرة فيالمجتمع.. وكان صالح معروفا بالحكمة والنقاء والخير. كان قومه يحترمونه قبل أن يوحي الله إليه ويرسله بالدعوة إليهم.. وقال قوم صالح له:


    قَالُواْ يَاصَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَـذَا أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِمُرِيبٍ(62) (هود)


    تأمل وجهة نظر الكافرين من قوم صالح. إنهم يدلفون إليه من باب شخصي بحت. لقد كان لنا رجاء فيك. كنت مرجوا فينا لعلمك وعقلك وصدقك وحسن تدبيرك، ثمخاب رجاؤنا فيك.. أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا؟! يا للكارثة.. كل شيء يا صالح إلا هذا. ما كنا نتوقع منك أن تعيب آلهتنا التي وجدنا آبائنا عاكفين عليها.. وهكذايعجب القوم مما يدعوهم إليه. ويستنكرون ما هو واجب وحق، ويدهشون أن يدعوهم أخوهم صالح إلى عبادة الله وحده. لماذا؟ ما كان ذلك كله إلا لأن آبائهم كانوا يعبدون هذه الآلهة.


    معجزة صالح عليه السلام:


    ورغم نصاعة دعوة صالح عليه الصلاة والسلام، فقد بدا واضحا أن قومهلن يصدقونه. كانوا يشكون في دعوته، واعتقدوا أنه مسحور، وطالبوه بمعجزة تثبت أنهرسول من الله إليهم. وشاءت إرادة الله أن تستجيب لطلبهم. وكان قوم ثمود ينحتون منالجبال بيوتا عظيمة. كانوا يستخدمون الصخر في البناء، وكانوا أقوياء قد فتح اللهعليهم رزقهم من كل شيء. جاءوا بعد قوم عاد فسكنوا الأرض التي استعمروها.


    قال صالح لقومه حين طالبوه بمعجزة ليصدقوه:


    وَيَا قَوْمِهَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَتَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ(64) (هود)


    والآية هي المعجزة، ويقال إن الناقة كانت معجزة لأن صخرة بالجبلانشقت يوما وخرجت منها الناقة.. ولدت من غير الطريق المعروف للولادة. ويقال إنها كانت معجزة لأنها كانت تشرب المياه الموجودة في الآبار في يوم فلا تقترب بقية الحيوانات من المياه في هذا اليوم، وقيل إنها كانت معجزة لأنها كانت تدر لبنا يكفي لشرب الناس جميعا في هذا اليوم الذي تشرب فيه الماء فلا يبقى شيء للناس. كانت هذهالناقة معجزة، وصفها الله سبحانه وتعالى بقوله: (نَاقَةُ اللّهِ) أضافها لنفسه سبحانه بمعنى أنها ليست ناقة عادية وإنما هي معجزة منالله. وأصدر الله أمره إلى صالح أن يأمر قومه بعدم المساس بالناقة أو إيذائها أوقتلها، أمرهم أن يتركوها تأكل في أرض الله، وألا يمسوها بسوء، وحذرهم أنهم إذا مدواأيديهم بالأذى للناقة فسوف يأخذهم عذاب قريب.


    في البداية تعاظمت دهشة ثمود حين ولدت الناقة من صخور الجبل.. كانت ناقة مباركة. كان لبنها يكفي آلاف الرجال والنساء والأطفال. كان واضحا إنها ليست مجرد ناقة عادية، وإنما هي آية من الله. وعاشت الناقة بين قوم صالح، آمن منهممن آمن وبقي أغلبهم على العناد والكفر. وذلك لأن الكفار عندما يطلبون من نبيهم آية،ليس لأنهم يريدون التأكد من صدقه والإيمان به، وإنما لتحديه وإظهار عجزه أمام البشر. لكن الله كان يخذلهم بتأييد أنبياءه بمعجزات من عنده.


    كان صالح عليه الصلاة والسلام يحدث قومه برفق وحب، وهو يدعوهم إلى عبادة الله وحده، وينبههم إلى أن الله قد أخرج لهم معجزة هي الناقة، دليلا على صدق هو بينة على دعوته. وهو يرجو منهم أن يتركوا الناقة تأكل في أرض الله، وكل الأرض أرضالله. وهو يحذرهم أن يمسوها بسوء خشية وقوع عذاب الله عليهم. كما ذكرهم بإنعام اللهعليهم: بأنه جعلهم خلفاء من بعد قوم عاد.. وأنعم عليهم بالقصور والجبال المنحوتة والنعيم والرزق والقوة. لكن قومه تجاوزوا كلماته وتركوه، واتجهوا إلى الذين آمنوا بصالح.


    يسألونهم سؤال استخفاف وزراية: أَتَعْلَمُونَأَنَّ صَالِحًا مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ؟!

    قالت الفئة الضعيفة التي آمنت بصالح: إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِمُؤْمِنُونَ
    فأخذت الذين كفروا العزة بالإثم.. قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْإِنَّا بِالَّذِيَ آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ . هكذا باحتقار واستعلاء وغضب.


    تآمر الملأ على الناقة:


    وتحولت الكراهية عن سيدنا صالح إلى الناقة المباركة. تركزت عليهاالكراهية، وبدأت المؤامرة تنسج خيوطها ضد الناقة. كره الكافرون هذه الآية العظيمة،ودبروا في أنفسهم أمرا.


    وفي إحدى الليالي، انعقدت جلسةلكبار القوم، وقدأصبح من المألوف أن نرى أن في قصص الأنبياء هذه التدابيرللقضاء على النبي أو معجزاته أو دعوته تأتي من رؤساء القوم، فهم من يخافون على مصالحهم إن تحول الناسللتوحيد، ومن خشيتهم إلى خشية الله وحده. أخذ رؤساء القوم يتشاورون فيما يجب القيامبه لإنهاء دعوة صالح. فأشار عليهم واحد منهم بقتل الناقة ومن ثم قتل صالح نفسه.


    وهذا هو سلاح الظلمة والكفرة فيكل زمان ومكان، يعمدون إلى القوة والسلاح بدل الحوار والنقاش بالحجج والبراهين. لأنهم يعلمون أن الحق يعلوا ولا يعلى عليه، ومهما امتد بهم الزمان سيظهر الحق ويبطلكل حججهم. وهم لا يريدون أن يصلوا لهذه المرحلة، وقرروا القضاء على الحق قبل أنتقوى شوكته.


    لكن أحدهم قال: حذرنا صالح منالمساس بالناقة، وهددنا بالعذاب القريب. فقال أحدهم سريعا قبل أن يؤثر كلام من سبقهعلى عقول القوم: أعرف من يجرأ على قتل الناقة. ووقع الاختيار على تسعة من جبابرةالقوم. وكانوا رجالا يعيثون الفساد في الأرض،الويل لمن يعترضهم.


    هؤلاء هم أداة الجريمة. اتفق على موعد الجريمة ومكان التنفيذ. وفي الليلة المحددة. وبينما كانت الناقة المباركة تنام في سلام. انتهى المجرمون التسعة من إعداد أسلحتهم وسيوفهم وسهامهم، لارتكاب الجريمة. هجم الرجال على الناقة فنهضت الناقة مفزوعة. امتدت الأيدي الآثمة القاتلة إليها. وسالت دمائها.


    هلاك ثمود:


    علم النبي صالح بما حدث فخرج غاضبا على قومه. قال لهم: ألم أحذركممن أن تمسوا الناقة؟

    قالوا: قتلناها فأتنا بالعذاب واستعجله.. ألم تقل أنك من المرسلين؟
    قال صالح لقومه:تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ


    بعدها غادر صالح قومه. تركهم ومضى. انتهى الأمر ووعده الله بهلاكهم بعد ثلاثة أيام.


    ومرت ثلاثة أيام على الكافرين من قوم صالح وهم يهزءون من العذاب وينتظرون، وفي فجر اليوم الرابع: انشقت السماء عن صيحة جبارة واحدة. انقضت الصيحةعلى الجبال فهلك فيها كل شيء حي. هي صرخة واحدة.. لم يكد أولها يبدأ وآخرها يجيء حتى كان كفار قوم صالح قد صعقوا جميعا صعقة واحدة.


    هلكوا جميعا قبل أن يدركوا ما حدث. أما الذين آمنوا بسيدنا صالح،فكانوا قد غادروا المكان مع نبيهم ونجوا.

    Anonymous
    ????
    زائر


    hgt رد: احسن وافضل القصص في الدنيا -- الجزء الثاني--

    مُساهمة من طرف ???? الجمعة ديسمبر 18, 2009 12:09 am

    إبراهيم عليه السلام

    نبذة:

    هو خليل الله، اصطفاه الله برسالته وفضله على كثير من خلقه، كان إبراهيم يعيش في قوم يعبدون الكواكب، فلم يكن يرضيه ذلك، وأحس بفطرته أن هناك إلها أعظم حتى هداه الله واصطفاه برسالته، وأخذإبراهيم يدعو قومه لوحدانية الله وعبادته ولكنهم كذبوه وحاولوا إحراقه فأنجاه الله من بين أيديهم، جعل الله الأنبياء من نسل إبراهيم فولد له إسماعيل وإسحاق، قام إبراهيم ببناء الكعبة مع إسماعيل.

    سيرته:

    منزلة إبراهيم عليه السلام:

    هو أحد أولي العزم الخمسة الكبار الذين اخذ الله منهم ميثاقاغليظا، وهم: نوح وإبراهيم وموسى و عيسى و محمد.. بترتيب بعثهم. وهوالنبي الذي ابتلاه الله ببلاء مبين. بلاء فوق قدرة البشر وطاقة الأعصاب. ورغم حدةالشدة، وعنت البلاء.. كان إبراهيم هو العبد الذي وفى. وزاد على الوفاء بالإحسان.

    وقد كرم الله تبارك وتعالى إبراهيم تكريما خاصا، فجعل ملته هي التوحيد الخالص النقي من الشوائب. وجعل العقل في جانب الذين يتبعون دينه.

    وكان من فضل الله على إبراهيم أن جعله الله إماما للناس. وجعل فيذريته النبوة والكتاب. فكل الأنبياء من بعد إبراهيم هم من نسله فهم أولاده وأحفاده. حتى إذا جاء آخر الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم، جاء تحقيقا واستجابة لدعوة إبراهيم التي دعا الله فيها أن يبعث في الأميين رسولا منهم.

    ولو مضينا نبحث في فضل إبراهيم وتكريم الله له فسوف نمتلئ بالدهشة. نحن أمام بشر جاء ربه بقلب سليم. إنسان لم يكد الله يقول له أسلم حتى قالأسلمت لرب العالمين. نبي هو أول من سمانا المسلمين. نبي كان جدا وأبا لكل أنبياءالله الذين جاءوا بعده. نبي هادئ متسامح حليم أواه منيب.

    يذكر لنا ربنا ذو الجلال والإكرام أمرا آخر أفضل من كل ما سبق. فيقول الله عز وجل في محكم آياته: (وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً) لم يرد في كتاب الله ذكر لنبي، اتخذه الله خليلا غير إبراهيم. قال العلماء: الخُلَّة هي شدة المحبة. وبذلك تعني الآية: واتخذ الله إبراهيم حبيبا. فوق هذهالقمة الشامخة يجلس إبراهيم عليه الصلاة والسلام. إن منتهى أمل السالكين، وغاية هدف المحققين والعارفين بالله.. أن يحبوا الله عز وجل. أما أن يحلم أحدهم أن يحبه الله،أن يفرده بالحب، أن يختصه بالخُلَّة وهي شدة المحبة.. فذلك شيء وراء آفاق التصور. كان إبراهيم هو هذا العبد الرباني الذي استحق أن يتخذه الله خليلا.

    حال المشركين قبل بعثةإبراهيم:

    لا يتحدث القرآن عن ميلاده أو طفولته، ولا يتوقف عند عصره صراحة،ولكنه يرسم صورة لجو الحياة في أيامه، فتدب الحياة في عصره، وترى الناس قد انقسمواثلاث فئات:

    · فئة تعبد الأصنام والتماثيل الخشبية والحجرية.

    · وفئة تعبد الكواكب والنجوم والشمس والقمر.

    · وفئة تعبد الملوك والحكام.

    نشأة إبراهيم عليه السلام:

    وفي هذا الجو ولد إبراهيم. ولد في أسرة من أسر ذلك الزمان البعيد. لم يكن رب الأسرة كافرا عاديا من عبدة الأصنام، كان كافرا متميزا يصنع بيديه تماثيلا لآلهة. وقيل أن أباه مات قبل ولادته فرباه عمه، وكان له بمثابة الأب، وكان إبراهيم يدعوه بلفظ الأبوة، وقيل أن أباه لم يمت وكان آزر هووالده حقا، وقيل أن آزر اسم صنم اشتهر أبوه بصناعته.. ومهما يكن من أمر فقد ولدإبراهيم في هذه الأسرة.

    رب الأسرة أعظم نحات يصنع تماثيل الآلهة. ومهنة الأب تضفي عليهقداسة خاصة في قومه، وتجعل لأسرته كلها مكانا ممتازا في المجتمع. هي أسرة مرموقة،أسرة من الصفوة الحاكمة.

    من هذه الأسرة المقدسة، ولد طفل قدر له أن يقف ضد أسرته وضد نظاممجتمعه وضد أوهام قومه وضد ظنون الكهنة وضد العروش القائمة وضد عبدة النجوموالكواكب وضد كل أنواع الشرك باختصار.

    مرت الأيام.. وكبر إبراهيم.. كان قلبه يمتلأ من طفولته بكراهيةصادقة لهذه التماثيل التي يصنعها والده. لم يكن يفهم كيف يمكن لإنسان عاقل أن يصنع بيديه تمثالا، ثم يسجد بعد ذلك لما صنع بيديه. لاحظ إبراهيم إن هذه التماثيل لاتشرب ولا تأكل ولا تتكلم ولا تستطيع أن تعتدل لو قلبها أحد على جنبها. كيف يتصورالناس أن هذه التماثيل تضر وتنفع؟!
    Anonymous
    ????
    زائر


    hgt رد: احسن وافضل القصص في الدنيا -- الجزء الثاني--

    مُساهمة من طرف ???? الجمعة ديسمبر 18, 2009 12:10 am

    مواجهة عبدة الكواكب والنجوم:


    قرر إبراهيم عليه السلام مواجهة عبدة النجوم من قومه، فأعلن عندما رأى أحد الكواكب في الليل، أن هذا الكوكب ربه. ويبدو أن قومه اطمأنوا له، وحسبوا أنه يرفض عبادة التماثيل ويهوى عبادة الكواكب. وكانت الملاحة حرة بين الوثنيات الثلاث: عبادة التماثيل والنجوم والملوك. غير أن إبراهيم كان يدخر لقومه مفاجأة مذهلة في الصباح. لقد أفل الكوكب الذي التحق بديانته بالأمس. وإبراهيم لا يحب الآفلين. فعاد إبراهيم في الليلة الثانية يعلن لقومه أن القمر ربه. لم يكن قومه على درجة كافية من الذكاء ليدركوا أنه يسخرمنهم برفق ولطف وحب. كيف يعبدون ربا يختفي ثم يظهر. يأفل ثم يشرق. لم يفهم قومه هذافي المرة الأولى فكرره مع القمر. لكن القمر كالزهرة كأي كوكب آخر.. يظهرويختفي. فقال إبراهيم عدما أفل القمر (لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّيلأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ) نلاحظ هنا أنه عندما يحدث قومه عن رفضه لألوهية القمر.. فإنه يمزق العقيدة القمرية بهدوء ولطف. كيف يعبد الناس ربا يختفي ويأفل. (لَئِن لَّمْ يَهْدِنِيرَبِّي)يفهمهم أن له ربا غير كل ما يعبدون. غير أن اللفتة لا تصل إليهم. ويعاود إبراهيم محاولته في إقامة الحجة على الفئة الأولى منقومه.. عبدة الكواكب والنجوم. فيعلن أن الشمس ربه، لأنها أكبر من القمر. وما أن غابت الشمس، حتى أعلن براءته من عبادة النجوم والكواكب. فكلهامغلوقات تأفل. وأنهىجولته الأولى بتوجيهه وجهه للذي فطر السماوات والأرضحنيفا.. ليس مشركا مثلهم.


    استطاعت حجة إبراهيم أن تظهر الحق. وبدأ صراع قومه معه. لم يسكت عنه عبدة النجوم والكواكب. بدءوا جدالهم وتخويفهم له وتهديده. ورد إبراهيم عليهم قال:


    أَتُحَاجُّونِّي فِي اللّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَبِهِ إِلاَّ أَن يَشَاء رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلاَتَتَذَكَّرُونَ(80)وَكَيْفَأَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللّهِ مَالَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّبِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ(81) (الأنعام)


    لا نعرف رهبة الهجوم عليه. ولا حدة الصراع ضده، ولا أسلوب قومهالذي اتبعه معه لتخويفه. تجاوز القرآن هذا كله إلى رده هو. كان جدالهم باطلا فأسقطه القرآن من القصة، وذكر رد إبراهيم المنطقي العاقل. كيف يخوفونه ولا يخافون هم؟ أيالفريقين أحق بالأمن؟


    بعد أن بين إبراهيم عليه السلام حجته لفئة عبدة النجوم والكواكب،استعد لتبيين حجته لعبدة الأصنام. آتاه الله الحجة في المرة الأولى كما سيؤتيهالحجة في كل مرة.


    سبحانه.. كان يؤيد إبراهيم ويريه ملكوت السماوات والأرض. لم يكنمعه غير إسلامه حين بدأ صراعه مع عبدة الأصنام. هذه المرة يأخذ الصراع شكلا أعظمحدة. أبوه في الموضوع.. هذه مهنة الأب وسر مكانته وموضع تصديق القوم.. وهي العبادةالتي تتبعها الأغلبية.


    مواجهة عبدةالأصنام:


    خرج إبراهيم على قومه بدعوته. قال بحسم غاضب وغيرة على الحق:


    إِذْ قَالَلِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ(52)قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءنَا لَهَاعَابِدِينَ(53)قَالَلَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ(54)قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّأَمْ أَنتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ(55)قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّوَأَنَا عَلَى ذَلِكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ(56) (الأنبياء)


    انتهى الأمر وبدأ الصراع بين إبراهيم وقومه.. كان أشدهم ذهولا وغضبا هو أباه أو عمه الذي رباه كأب.. واشتبك الأب والابن في الصراع. فصلت بينهما المبادئ فاختلفا.. الابن يقف مع الله، والأب يقف مع الباطل.


    قال الأب لابنه: مصيبتي فيك كبيرة يا إبراهيم.. لقد خذلتني وأسأت إلي.


    قال إبراهيم:


    يَا أَبَتِلِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا(42)يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِيمِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا(43)يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِالشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا(44)يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنيَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا(45) (مريم)


    انتفض الأب واقفا وهو يرتعش من الغضب. قال لإبراهيم وهو ثائر إذالم تتوقف عن دعوتك هذه فسوف أرجمك، سأقتلك ضربا بالحجارة. هذا جزاء من يقف ضدالآلهة.. اخرج من بيتي.. لا أريد أن أراك.. اخرج.


    انتهى الأمر وأسفر الصراع عن طرد إبراهيم من بيته. كما أسفر عنتهديده بالقتل رميا بالحجارة. رغم ذلك تصرف إبراهيم كابن بار ونبي كريم. خاطب أباهبأدب الأنبياء. قال لأبيه ردا على الإهانات والتجريح والطرد والتهديد بالقتل:


    قَالَسَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا(47)وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَمِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاء رَبِّي شَقِيًّا(48) (مريم
    Anonymous
    ????
    زائر


    hgt رد: احسن وافضل القصص في الدنيا -- الجزء الثاني--

    مُساهمة من طرف ???? الجمعة ديسمبر 18, 2009 12:11 am

    وخرج إبراهيم من بيت أبيه. هجر قومه وما يعبدون من دون الله. وقرر في نفسه أمرا. كان يعرف أن هناك احتفالا عظيما يقام على الضفة الأخرى من النهر،وينصرف الناس جميعا إليه. وانتظر حتى جاء الاحتفال وخلت المدينة التي يعيش فيها من الناس.


    وخرج إبراهيم حذرا وهو يقصد بخطاه المعبد. كانت الشوارع المؤديةإلى المعبد خالية. وكان المعبد نفسه مهجورا. انتقل كل الناس إلى الاحتفال. دخل إبراهيم المعبد ومعه فأس حادة. نظر إلى تماثيل الآلهة المنحوتة من الصخر والخشب. نظر إلى الطعام الذي وضعه الناس أمامها كنذور وهدايا. اقترب إبراهيم منالتماثيل وسألهم: (أَلَا تَأْكُلُونَ) كان يسخر منهم ويعرف أنهم لا يأكلون. وعاد يسأل التماثيل: (مَالَكُمْ لَا تَنطِقُونَ) ثم هوى بفأسه على الآلهة.


    وتحولت الآلهة المعبودة إلى قطع صغيرة من الحجارة والأخشاب المهشمة.. إلا كبير الأصنام فقد تركه إبراهيم (لَّهُمْلَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ)فيسألونه كيف وقعت الواقعة وهو حاضر فلميدفع عن صغار الآلهة! ولعلهم حينئذ يراجعون القضية كلها، فيرجعون إلى صوابهم.


    إلا أن قوم إبراهيم الذين عطّلت الخرافةعقولهم عن التفكير،وغلّالتقليد أفكارهم عن التأملوالتدبر.لم يسألوا أنفسهم: إن كانت هذه آلهة فكيف وقع لهاما وقع دون أن تدفع عن أنفسها شيئا؟!وهذا كبيرها كيف لميدفع عنها؟! وبدلا من ذلك (قَالُوا مَن فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَالظَّالِمِينَ).


    عندئذ تذكر الذين سمعوا إبراهيم ينكر على أبيه ومن معه عبادةالتماثيل، ويتوعدهم أن يكيد لآلهتهم بعد انصرافهم عنها!


    فأحضروا إبراهيم عليه السلام، وتجمّع الناس،وسألوه (أَأَنتَفَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ)؟ فأجابهم إبراهيم (بَلْفَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ) والتهكم واضح في هذا الجواب الساخر. فلا داعي لتسمية هذه كذبةمن إبراهيم -عليه السلام- والبحث عن تعليلها بشتى العلل التي اختلف عليها المفسرون. فالأمر أيسر من هذا بكثير! إنما أراد أن يقول لهم: إن هذه التماثيل لا تدري منحطمها إن كنت أنا أم هذا الصنم الكبير الذي لا يملك مثلها حراكا. فهي جماد لا إدراكله أصلا. وأنتم كذلك مثلها مسلوبو الإدراك لا تميزون بين الجائز والمستحيل. فلاتعرفون إن كنت أنا الذي حطمتها أم أن هذا التمثال هو الذي حطمها!


    ويبدو أن هذا التهكم الساخر قد هزهم هزا، وردهم إلى شيء من التدبرالتفكر:


    فَرَجَعُواإِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ(64) (الأنبياء)


    وكانت بادرة خير أن يستشعروا ما في موقفهم من سخف،وما في عبادتهم لهذه التماثيل من ظلم. وأنتتفتح بصيرتهم لأول مرة فيتدبروا ذلك السخف الذي يأخذون بهأنفسهم، وذلك الظلم الذي هم فيه سادرون. ولكنها لم تكن إلا ومضة واحدة أعقبهاالظلام، وإلاخفقة واحدة عادت بعدها قلوبهم إلىالخمود:


    ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَاهَؤُلَاء يَنطِقُونَ(65) (الأنبياء)


    وحقا كانت الأولى رجعة إلى النفوس، وكانت الثانية نكسة على الرؤوس؛ كما يقول التعبير القرآني المصور العجيب.. كانت الأولى حركة في النفس للنظر والتدبر. أما الثانية فكانت انقلابا على الرأس فلاعقل ولا تفكير. وإلا فإن قولهم هذا الأخير هو الحجة عليهم. وأية حجة لإبراهيم أقوى من أن هؤلاء لا ينطقون؟


    ومن ثم يجيبهم بعنف وضيق علىغير عادته وهو الصبور الحليم. لأن السخف هنا يجاوز صبر الحليم:


    قَالَأَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ(66) أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَمِن دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ(67) (الأنبياء)


    وهي قولة يظهر فيها ضيق الصدرن وغيظ النفس، والعجب من السخفالذي يتجاوز كل مألوف.


    عند ذلك أخذتهم العزة بالإثم كما تأخذ الطغاة دائما حين يفقدون الحجة ويعوزهم الدليل، فيلجأون إلى القوة الغاشمة والعذاب الغليظ:


    قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ(68) (الأنبياء)
    نجاة إبراهيم عليهالسلام من النار:


    وفعلا.. بدأ الاستعداد لإحراق إبراهيم. انتشر النبأ في المملكةكلها. وجاء الناس من القرى والجبال والمدن ليشهدوا عقاب الذي تجرأ على الآلهةوحطمها واعترف بذلك وسخر من الكهنة. وحفروا حفرة عظيمة ملئوها بالحطب والخشبوالأشجار. وأشعلوا فيها النار. وأحضروا المنجنيق وهو آلة جبارة ليقذفوا إبراهيمفيها فيسقط في حفرة النار.. ووضعوا إبراهيم بعد أن قيدوا يديه وقدميه في المنجنيق. واشتعلت النار في الحفرة وتصاعد اللهب إلى السماء. وكان الناس يقفون بعيدا عنالحفرة من فرط الحرارة اللاهبة. وأصدر كبير الكهنة أمره بإطلاق إبراهيم في النار.


    جاء جبريل عليه السلام ووقف عند رأس إبراهيم وسأله: يا إبراهيم.. ألك حاجة؟


    قال إبراهيم: أما إليك فلا.


    انطلق المنجنيق ملقيا إبراهيم في حفرة النار. كانت النار موجودةفي مكانها، ولكنها لم تكن تمارس وظيفتها في الإحراق. فقد أصدر الله جل جلاله إلىالنارأمره بأن تكون (بَرْدًاوَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ). أحرقتالنارقيودهفقط. وجلس إبراهيم وسطها كأنه يجلس وسط حديقة. كانيسبّحبحمد ربهويمجّده. لم يكن في قلبه مكان خال يمكن أن يمتلئبالخوف أو الرهبة أو الجزع. كان القلب مليئا بالحب وحده. ومات الخوف. وتلاشتالرهبة. واستحالت النار إلى سلام بارد يلطف عنه حرارة الجو.


    جلس الكهنةوالناسيرقبون النار من بعيد. كانت حرارتهاتصل إليهم على الرغم من بعدهم عنها.وظلتالنار تشتعل فترة طويلة حتى ظن الكافرون أنها لن تنطفئ أبدا. فلما انطفأت فوجئوابإبراهيم يخرج من الحفرة سليما كما دخل. ووجهه يتلألأ بالنور والجلال. وثيابه كماهي لم تحترق. وليس عليه أيأثرللدخان أو الحريق.


    خرج إبراهيم من النار كما لو كان يخرج من حديقة. وتصاعدت صيحاتالدهشة الكافرة. خسروا جولتهم خسارة مريرة وساخرة.


    وَأَرَادُوابِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ(70) (الأنبياء)


    لا يحدثنا القرآن الكريم عن عمر إبراهيم حين حطم أصنام قومه، لايحدثنا عن السن التي كلف فيها بالدعوة إلى الله. ويبدو من استقراء النصوص القديمةأن إبراهيم كان شابا صغيرا حين فعل ذلك، بدليل قول قومه عنه: (سَمِعْنَا فَتًىيَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ). وكلمةالفتى تطلق على السن التي تسبق العشرين.
    Anonymous
    ????
    زائر


    hgt رد: احسن وافضل القصص في الدنيا -- الجزء الثاني--

    مُساهمة من طرف ???? الجمعة ديسمبر 18, 2009 12:12 am

    مواجهة عبدة الملوك:

    إن زمن اصطفاء الله تعالى لإبراهيم غيرمحدد في القرآن. وبالتالي فنحن لا نستطيع أن نقطع فيه بجواب نهائي. كل ما نستطيع أننقطع فيه برأي، أن إبراهيم أقام الحجة على عبدة التماثيل بشكل قاطع، كما أقامها على عبدة النجوم والكواكب من قبل بشكل حاسم، ولم يبق إلا أن تقام الحجة على الملوك المتألهين وعبادهم.. وبذلك تقوم الحجة على جميع الكافرين.

    فذهب إبراهيم عليه السلام لملك متألّه كان في زمانه. وتجاوز القرآن اسم الملك لانعدام أهميته، لكن روي أن الملك المعاصرلإبراهيم كان يلقب (بالنمرود) وهو ملك الآراميين بالعراق. كما تجاوز حقيقة مشاعره،كما تجاوز الحوار الطويل الذي دار بين إبراهيم وبينه. لكن الله تعالى في كتابه الحكيم أخبرنا الحجة الأولى التي أقامها إبراهيم عليه السلام على الملك الطاغية،فقال إبراهيم بهدوء:(رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ)

    قال الملك:(أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ) أستطيع أن أحضررجلا يسير في الشارع وأقتله،وأستطيع أن أعفو عن محكوم عليه بالإعدام وأنجيه من الموت.. وبذلك أكون قادرا على الحياة والموت.

    لم يجادل إبراهيم الملك لسذاجة ما يقول. غير أنه أراد أن يثبت للملك أنه يتوهم في نفسه القدرة وهو في الحقيقة ليس قادرا. فقال إبراهيم: (فَإِنَّاللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَالْمَغْرِبِ)

    استمع الملك إلى تحدي إبراهيم صامتا.. فلما انتهى كلام النبي بهتالملك. أحس بالعجز ولم يستطع أن يجيب. لقد أثبت له إبراهيم أنه كاذب.. قال له إنالله يأتي بالشمس من المشرق، فهل يستطيع هو أن يأتي بها من المغرب.. إن للكون نظماوقوانين يمشي طبقا لها.. قوانين خلقها الله ولا يستطيع أي مخلوق أن يتحكم فيها. ولوكان الملك صادقا في ادعائه الألوهية فليغير نظام الكون وقوانينه.. ساعتها أحس الملكبالعجز.. وأخرسه التحدي. ولم يعرف ماذا يقول، ولا كيف يتصرف. انصرف إبراهيم من قصرالملك، بعد أن بهت الذي كفر.
    هجرة إبراهيم عليه السلام:

    انطلقت شهرة إبراهيم في المملكة كلها. تحدث الناس عن معجزتهونجاته من النار، وتحدث الناس عن موقفه مع الملك وكيف أخرس الملك فلم يعرف ماذايقول. واستمر إبراهيم في دعوته لله تعالى. بذل جهده ليهدي قومه، حاول إقناعهم بكلالوسائل، ورغم حبه لهم وحرصه عليهم فقد غضب قومه وهجروه، ولم يؤمن معه من قومه سوىامرأة ورجل واحد. امرأة تسمى سارة، وقد صارت فيما بعد زوجته، ورجل هو لوط، وقد صارنبيا فيما بعد. وحين أدرك إبراهيم أن أحدا لن يؤمن بدعوته. قرر الهجرة.

    قبل أن يهاجر، دعا والده للإيمان، ثم تبين لإبراهيم أن والده عدولله، وأنه لا ينوي الإيمان، فتبرأ منه وقطع علاقته به.

    للمرة الثانية في قصص الأنبياء نصادف هذه المفاجأة. في قصة نوح كان الأب نبيا والابن كافرا، وفي قصة إبراهيم كان الأب كافرا والابن نبيا، وفي القصتين نرى المؤمن يعلن براءته من عدو الله رغم كونه ابنهأو والده، وكأن الله يفهمنا من خلال القصة أن العلاقة الوحيدة التي ينبغي أن تقومعليها الروابط بين الناس، هي علاقة الإيمان لا علاقة الميلاد والدم.

    خرج إبراهيم عليه السلام من بلده وبدأ هجرته. سافر إلى مدينة تدعى أور. ومدينة تسمى حاران. ثم رحل إلى فلسطين ومعه زوجته، المرأة الوحيدة التي آمنتبه. وصحب معه لوطا.. الرجل الوحيد الذي آمن به.

    بعد فلسطين ذهب إبراهيم إلى مصر. وطوال هذا الوقت وخلال هذهالرحلات كلها، كان يدعو الناس إلى عبادة الله، ويحارب في سبيله، ويخدم الضعفاءوالفقراء، ويعدل بين الناس، ويهديهم إلى الحقيقة والحق.

    وتأتي بعض الروايات لتبين قصة إبراهيم عليه السلام وزوجته سارة وموقفهما مع ملك مصر. فتقول:

    وصلت الأخبار لملك مصر بوصول رجل لمصر معه أمرأة هي أجملنساء الأرض. فطمع بها. وأرسل جنوده ليأتونه بهذه المرأة. وأمرهم بأن يسألوا عنالرجل الذي معها، فإن كان زوجها فليقتلوه. فجاء الوحي لإبراهيم عليه السلام بذلك. فقال إبراهيم -عليه السلام- لسارة إن سألوك عني فأنت أختي -أي أخته في الله-، وقاللها ما على هذه الأرض مؤمن غيري وغيرك -فكل أهل مصر كفرة، ليس فيها موحد لله عزوجل. فجاء الجنود وسألوا إبراهيم: ما تكون هذه منك؟ قال: أختي.

    لنقف هنا قليلا.. قال إبراهيم حينما قال لقومه (إني سقيم) و (بل فعله كبيرهم هذا فاسألوه) و (هي أختي). كلها كلمات تحتمل التاويل. لكن مع هذاكان إبراهيم عليه السلام خائفا جدا من حسابه على هذه الكلمات يوم القايمة. فعندمايذهب البشر له يوقم القيامة ليدعوا الله أن يبدأ الحساب يقول لهم لا إني كذب على ربي ثلاث مرات.

    ونجد أن البشر الآن يكذبون أمام الناس من غير استحياء ولاخوف من خالقهم.

    لما عرفت سارة أن ملك مصر فاجر ويريدها له أخذت تدعوا الله قائلة: اللهم إن كنت تعلم أني آمنت بك وبرسولك وأحصنت فرجي إلا على زوجي فلاتسلط علي الكافر.

    فلما أدخلوها عليه. مد يده إليها ليلمسها فشلّ وتجمدت يدهفي مكانها، فبدأ بالصراخ لأنه لم يعد يستطيع تحريكها، وجاء أعوانه لمساعدته لكنهملم يستطيعوا فعل شيء. فخافت سارة على نفسها أن يقتلوها بسبب ما فعلته بالملك. فقالت: يا رب اتركه لا يقتلوني به. فاستجاب الله لدعائها.

    لكن الملك لم يتب وظن أن ما حدث كان أمرا عابرا وذهب. فهجم عليها مرة أخرى. فشلّ مرة ثانية. فقال: فكيني. فدعت الله تعالى فَفَكّه. فمديده ثالثة فشلّ. فقال: فكيني وأطلقك وأكرمك. فدعت الله سبحانه وتعالى فَفُك. فصرخ الملك بأعوانه: أبعدوها عني فإنكم لم تأتوني بإنسان بل أتيتموني بشيطان.

    فأطلقها وأعطاها شيئا من الذهب، كما أعطاها أَمَةً اسمها "هاجر".

    هذه الرواية مشهورة عن دخول إبراهيم -عليه السلام- لمصر.

    وكانت زوجته سارة لا تلد. وكان ملك مصر قد أهداها سيدة مصريةلتكون في خدمتها، وكان إبراهيم قد صار شيخا، وابيض شعره من خلال عمر أبيض أنفقه فيالدعوة إلى الله، وفكرت سارة إنها وإبراهيم وحيدان، وهي لا تنجب أولادا، ماذا لوقدمت له السيدة المصرية لتكون زوجة لزوجها؟ وكان اسم المصرية "هاجر". وهكذا زوجتسارة سيدنا إبراهيم من هاجر، وولدت هاجر ابنها الأول فأطلق والده عليه اسم"إسماعيل". كان إبراهيم شيخا حين ولدت له هاجر أول أبنائه إسماعيل.

    ولسنا نعرف أبعاد المسافات التي قطعها إبراهيم في رحلته إلى الله. كان دائما هو المسافر إلى الله. سواء استقر به المقام في بيته أو حملته خطواتهسائحا في الأرض. مسافر إلى الله يعلم إنها أيام على الأرض وبعدها يجيء الموت ثمينفخ في الصور وتقوم قيامة الأموات ويقع البعث.
    Anonymous
    ????
    زائر


    hgt رد: احسن وافضل القصص في الدنيا -- الجزء الثاني--

    مُساهمة من طرف ???? الجمعة ديسمبر 18, 2009 12:13 am

    إحياء الموتى:


    ملأ اليوم الآخر قلب إبراهيم بالسلام والحب واليقين. وأراد أن يرىيوما كيف يحيي الله عز وجل الموتى. حكى الله هذا الموقف في سورة (البقرة).. قال تعالى:


    وَإِذْ قَالَإِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنقَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي


    لا تكون هذه الرغبة في طمأنينة القلب مع الإيمان إلا درجة من درجات الحب لله.


    قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِفَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَسَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَعَزِيزٌ حَكِيمٌ


    فعل إبراهيم ما أمره به الله. ذبح أربعة من الطير وفرق أجزاءهاعلى الجبال. ودعاها باسم الله فنهض الريش يلحق بجناحه، وبحثت الصدور عن رؤوسها،وتطايرت أجزاء الطير مندفعة نحو الالتحام، والتقت الضلوع بالقلوب، وسارعت الأجزاءالذبيحة للالتئام، ودبت الحياة في الطير، وجاءت طائرة مسرعة ترمي بنفسها في أحضان إبراهيم. اعتقد بعض المفسرين إن هذه التجربة كانت حب استطلاع من إبراهيم. واعتقدبعضهم أنه أراد أن يرى يد ذي الجلال الخالق وهي تعمل، فلم ير الأسلوب وإن رأى النتيجة. واعتقد بعض المفسرين أنه اكتفى بما قاله له الله ولم يذبح الطير. ونعتقدأن هذه التجربة كانت درجة من درجات الحب قطعها المسافر إلى الله. إبراهيم.


    رحلة إبراهيم مع هاجر وإسماعيل لوادي مكة:


    استيقظ إبراهيم يوما فأمر زوجته هاجر أن تحمل ابنها وتستعد لرحلةطويلة. وبعد أيام بدأت رحلة إبراهيم مع زوجته هاجر ومعهما ابنهما إسماعيل. وكان الطفل رضيعا لم يفطم بعد. وظل إبراهيم يسير وسط أرض مزروعة تأتي بعدها صحراء تجيء بعدها جبال. حتى دخل إلى صحراء الجزيرة العربية، وقصد إبراهيم واديا ليس فيه زرع ولا ثمر ولا شجر ولا طعام ولا مياه ولاشراب. كان الوادي يخلو تماما من علامات الحياة. وصل إبراهيم إلى الوادي، وهبط منفوق ظهر دابته. وأنزل زوجته وابنه وتركهما هناك، ترك معهما جرابا فيه بعض الطعام،وقليلا من الماء. ثم استدار وتركهما وسار.


    أسرعت خلفه زوجته وهي تقول له: يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذاالوادي الذي ليس فيه شيء؟


    لم يرد عليها سيدنا إبراهيم. ظل يسير. عادت تقول له ما قالته وهوصامت. أخيرا فهمت أنه لا يتصرف هكذا من نفسه. أدركت أن الله أمره بذلك وسألته: هلالله أمرك بهذا؟ قال إبراهيم عليه السلام: نعم.


    قالت زوجته المؤمنة العظيمة: لن نضيع ما دام الله معنا وهو الذيأمرك بهذا. وسار إبراهيم حتى إذا أخفاه جبل عنهما وقف ورفع يديه الكريمتين إلىالسماء وراح يدعو الله: (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍعِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ).


    لم يكن بيت الله قد أعيد بناؤه بعد، لم تكن الكعبة قد بنيت، وكانتهناك حكمة عليا في هذه التصرفات الغامضة، فقد كان إسماعيل الطفل الذي ترك مع أمه فيهذا المكان، كان هذا الطفل هو الذي سيصير مسؤولا مع والده عن بناء الكعبة فيما بعد. وكانت حكمة الله تقضي أن يمتد العمران إلى هذا الوادي، وأن يقام فيه بيت الله الذينتجه جميعا إليه أثناء الصلاة بوجوهنا.


    ترك إبراهيم زوجته وابنه الرضيع في الصحراء وعاد راجعا إلى كفاحهفي دعوة الله. أرضعت أم إسماعيل ابنها وأحست بالعطش. كانت الشمس ملتهبة وساخنة وتثير الإحساس بالعطش. بعد يومين انتهى الماء تماما، وجف لبن الأم. وأحست هاجروإسماعيل بالعطش.. كان الطعام قد انتهى هو الآخر. وبدا الموقف صعبا وحرجا للغاية.


    ماء زمزم:


    بدأ إسماعيل يبكي من العطش. وتركته أمه وانطلقت تبحث عن ماء. راحت تمشي مسرعة حتى وصلت إلى جبل اسمه "الصفا". فصعدت إليه وراحت تبحث بهما عن بئر أو إنسان أو قافلة. لم يكن هناك شيء. ونزلت مسرعة من الصفاحتى إذا وصلت إلى الوادي راحت تسعى سعي الإنسان المجهد حتى جاوزت الوادي ووصلت إلىجبل "المروة"، فصعدت إليه ونظرت لترى أحدا لكنها لم تر أحدا. وعادت الأم إلى طفلهافوجدته يبكي وقد اشتد عطشه. وأسرعت إلى الصفا فوقفت عليه، وهرولت إلى المروة فنظرتمن فوقه. وراحت تذهب وتجيء سبع مرات بين الجبلين الصغيرين. سبع مرات وهي تذهبوتعود. ولهذا يذهب الحجاج سبع مرات ويعودون بين الصفا والمروة إحياء لذكريات أمهمالأولى ونبيهم العظيم إسماعيل. عادت هاجر بعد المرة السابعة وهي مجهدة متعبة تلهث. وجلست بجوار ابنها الذي كان صوته قد بح من البكاءوالعطش.


    وفي هذه اللحظة اليائسة أدركتها رحمة الله، وضربإسماعيل بقدمه الأرض وهو يبكي فانفجرت تحت قدمه بئر زمزم. وفار الماء من البئر. أنقذت حياتا الطفل والأم. راحت الأم تغرف بيدها وهي تشكرالله. وشربت وسقت طفلها وبدأت الحياة تدب في المنطقة. صدق ظنها حين قالت: لن نضيع ما دام الله معنا.


    وبدأت بعض القوافل تستقر في المنطقة. وجذب الماء الذي انفجر منبئر زمزم عديدا من الناس. وبدأ العمران يبسط أجنحته على المكان
    Anonymous
    ????
    زائر


    hgt رد: احسن وافضل القصص في الدنيا -- الجزء الثاني--

    مُساهمة من طرف ???? الجمعة ديسمبر 18, 2009 12:14 am

    الأمر بذبح إسماعيل عليه السلام:


    كبر إسماعيل.. وتعلق به قلب إبراهيم.. جاءه العقب على كبر فأحبه.. وابتلى الله تعالى إبراهيم بلاء عظيما بسبب هذا الحب. فقد رأى إبراهيم عليه السلام في المنام أنه يذبح ابنه الوحيد إسماعيل. وإبراهيم يعمل أن رؤيا الأنبياء وحي.


    انظر كيف يختبر الله عباده. تأمل أي نوع من أنواع الاختبار. نحن أمام نبي قلبه أرحم قلب في الأرض. اتسع قلبه لحب الله وحب من خلق. جاءه ابن على كبر.. وقد طعن هو في السن ولا أمل هناك في أن ينجب. ثم ها هو ذا يستسلم للنوم فيرى في المنام أنه يذبح ابنه وبكره ووحيده الذي ليس له غيره.


    أي نوع من الصراع نشب في نفسه. يخطئ من يظن أن صراعا لم ينشأ قط. لا يكون بلاء مبينا هذا الموقف الذي يخلو من الصراع. نشب الصراع في نفس إبراهيم.. صراع أثارته عاطفة الأبوة الحانية. لكن إبراهيم لم يسأل عن السبب وراء ذبح ابنه. فليس إبراهيم من يسأل ربه عن أوامره.


    فكر إبراهيم في ولده.. ماذا يقول عنه إذا أرقده على الأرضليذبحه.. الأفضل أن يقول لولده ليكون ذلك أطيب لقلبه وأهون عليه من أن يأخذه قهرا ويذبحه قهرا. هذا أفضل.. انتهى الأمر وذهب إلى ولده (قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِيالْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى). انظر إلى تلطفه في إبلاغ ولده، وترك الأمر لينظر فيه الابن بالطاعة.. إن الأمر مقضي في نظر إبراهيم لأنه وحي من ربه.. فماذا يرى الابن الكريم في ذلك؟ أجاب إسماعيل: هذا أمر يا أبي فبادر بتنفيذه (يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُسَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ). تأمل رد الابن.. إنسان يعرف أنه سيذبح فيمتثل للأمر الإلهي ويقدم المشيئة ويطمئن والده أنه سيجده (إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ). هو الصبر على أي حالوعلى كل حال.. وربما استعذب الابن أن يموت ذبحا بأمر من الله.. ها هو ذا إبراهيميكتشف أن ابنه ينافسه في حب الله. لا نعرف أي مشاعر جاشت في نفس إبراهيم بعداستسلام ابنه الصابر.


    ينقلنا الحق نقلة خاطفة فإذا إسماعيل راقد على الأرض، وجهه في الأرض رحمة به كيلا يرى نفسه وهو يذبح. وإذا إبراهيم يرفعيده بالسكين.. وإذا أمر الله مطاع. (فَلَمَّا أَسْلَمَا) استخدم القرآن هذا التعبير.. (فَلَمَّا أَسْلَمَا) هذا هو الإسلام الحقيقي.. تعطي كل شيء،فلا يتبقى منك شيء.


    عندئذ فقط.. وفي اللحظة التي كان السكين فيها يتهيأ لإمضاء أمره.. نادى الله إبراهيم.. انتهى اختباره، وفدى الله إسماعيل بذبح عظيم - وصار اليوم عيدا لقوم لم يولدوا بعد، هم المسلمون. صارت هذه اللحظاتعيدا للمسلمين. عيدا يذكرهم بمعنى الإسلام الحقيقي الذي كان عليه إبراهيم وإسماعيل.


    ومضت قصة إبراهيم. ترك ولده إسماعيل وعاد يضرب في أرض الله داعيا إليه، خليلا له وحده. ومرت الأيام. كان إبراهيم قدهاجر من أرض الكلدانيين مسقط رأسه في العراق وعبر الأردن وسكن في أرض كنعان فيالبادية. ولم يكن إبراهيم ينسى خلال دعوته إلى الله أن يسأل عن أخبار لوط مع قومه،وكان لوط أول من آمن به، وقد أثابه الله بأن بعثه نبيا إلى قوم من الفاجرين العصاة.


    البشرى بإسحاق:


    كان إبراهيم جالس لوحده. في هذه اللحظة، هبطت على الأرض أقدامثلاثة من الملائكة: جبريل وإسرافيل وميكائيل. يتشكلون في صور بشرية من الجمال الخارق. ساروا صامتين. مهمتهم مزودجة. المرور على إبراهيم وتبشيره. ثم زيارة قوملوط ووضع حد لجرائمهم.


    سار الملائكة الثلاثة قليلا. ألقى أحدهم حصاة أمام إبراهيم. رفعإبراهيم رأسه.. تأمل وجوههم.. لا يعرف أحدا فيهم. بادروه بالتحية. قالوا: سلاما. قال: سلام.


    نهض إبراهيم ورحب بهم. أدخلهم بيته وهو يظن أنهم ضيوف وغرباء. أجلسهم واطمأن أنهم قد اطمأنوا، ثم استأذن وخرج. راغ إلى أهله.


    نهضت زوجته سارة حين دخل عليها. كانت عجوزا قد ابيض شعرها ولم يعديتوهج بالشباب فيها غير وميض الإيمان الذي يطل من عينيها.


    قال إبراهيم لزوجته: زارنا ثلاثة غرباء.


    سألته: من يكونون؟


    قال: لا أعرف أحدا فيهم. وجوه غريبة على المكان. لا ريب أنهم منمكان بعيد، غير أن ملابسهم لا تشي بالسفر الطويل. أي طعام جاهز لدينا؟


    قالت: نصف شاة.


    قال وهو يهم بالانصراف: نصف شاة.. اذبحي لهم عجلا سمينا. هم ضيوف وغرباء. ليست معهم دواب أو أحمال أو طعام. ربما كانوا جوعى وربما كانوا فقراء.


    اختار إبراهيم عجلا سمينا وأمر بذبحه، فذكروا عليه اسم اللهوذبحوه. وبدأ شواء العجل على الحجارة الساخنة. وأعدت المائدة. ودعا إبراهيم ضيوفهإلى الطعام. أشار إبراهيم بيده أن يتفضلوا باسم الله، وبدأ هو يأكل ليشجعهم. كانإبراهيم كريما يعرف أن الله لا يتخلى عن الكرماء وربما لم يكن في بيته غير هذاالعجل، وضيوفه ثلاثة ونصف شاة يكفيهم ويزيد، غير أنه كان سيدا عظيم الكرم. راحإبراهيم يأكل ثم استرق النظر إلى ضيوفه ليطمئن أنهم يأكلون. لاحظ أن أحدا لا يمديده إلى الطعام. قرب إليهم الطعام وقال: ألا تأكلون؟ عاد إلى طعامه ثم اختلس إليهمنظرة فوجدهم لا يأكلون.. رأى أيديهم لا تصل إلى الطعام. عندئذ (أَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً). في تقاليد البادية التي عاش فيهاإبراهيم، كان معنى امتناع الضيوف عن الأكل أنهم يقصدون شرا بصاحب البيت.


    ولاحظ إبراهيم بينه وبين نفسه أكثر من ملاحظة تؤيد غرابة ضيوفه. لاحظ أنهم دخلوا عليه فجأة. لم يرهم إلا وهم عند رأسه. لم يكن معهم دواب تحملهم، لمتكن معهم أحمال. وجوههم غريبة تماما عليه. كانوا مسافرين وليس عليهم أثر لترابالسفر. ثم ها هو ذا يدعوهم إلى طعامه فيجلسون إلى المائدة ولا يأكلون. ازداد خوف إبراهيم.


    كان الملائكة يقرءون أفكاره التي تدور في نفسه، دون أن يشي بهاوجهه. قال له أحد الملائكة: (لاَ تَخَفْ). رفع إبراهيمرأسه وقال بصدق عظيم وبراءة: اعترف إنني خائف. لقد دعوتكم إلى الطعام ورحبت بكم،ولكنكم لا تمدون أيديكم إليه.. هل تنوون بي شرا؟


    ابتسم أحد الملائكة وقال: نحن لا نأكل يا إبراهيم.. نحن ملائكةالله.. وقد (أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ)


    ضحكت زوجة إبراهيم.. كانت قائمة تتابع الحوار بين زوجها وبينهم،فضحكت.


    التفت إليها أحد الملائكة وبشرها بإسحاق.


    صكت العجوز وجهها تعجبا:


    قَالَتيَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـذَابَعْلِي شَيْخًاإِنَّ هَـذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ(72) (هود
    Anonymous
    ????
    زائر


    hgt رد: احسن وافضل القصص في الدنيا -- الجزء الثاني--

    مُساهمة من طرف ???? الجمعة ديسمبر 18, 2009 12:14 am

    عاد أحد الملائكة يقول لها:


    وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ


    جاشت المشاعر في قلب إبراهيم وزوجته. شف جو الحجرة وانسحب خوفإبراهيم واحتل قلبه نوع من أنواع الفرح الغريب المختلط. كانت زوجته العاقر تقف هي الأخرى وهي ترتجف. إن بشارة الملائكة تهز روحها هزا عميقا. إنها عجوز عقيم وزوجها شيخ كبير. كيف؟! كيف يمكن؟!


    وسط هذا الجو الندي المضطرب تساءل إبراهيم:


    أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَن مَّسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ(54) (الحجر)


    أكان يريد أن يسمع البشارة مرة أخرى؟ أكان يريد أن يطمئن قلبه ويسمع للمرة الثانية منة الله عليه؟ أكان ما بنفسه شعورا بشريا يريد أن يستوثق؟ويهتز بالفرح مرتين بدلا من مرة واحدة؟ أكد له الملائكة أنهم بشروه بالحق.


    قَالُواْبَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُن مِّنَ الْقَانِطِينَ (55) (الحجر)


    قَالَ وَمَنيَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ(56) (الحجر)


    لم يفهم الملائكة إحساسه البشري، فنوه عن أن يكون من القانطين،وأفهمهم أنه ليس قانطا.. إنما هو الفرح.


    لم تكن البشرى شيئا بسيطا في حياة إبراهيم وزوجته. لم يكنلإبراهيم غير ولد واحد هوإسماعيل، تركه هناك بعيدا فيالجزيرة العربية. ولم تكن زوجته سارة قد أنجبت خلال عشرتها الطويلة لإبراهيم، وهيالتي زوجته من جاريتها هاجر. ومن هاجر جاءإسماعيل. أماسارة، فلم يكن لها ولد. وكان حنينها إلى الولد عظيما، لم يطفئ مرور الأيام منتوهجه. ثم دخلت شيخوختها واحتضر حلمها ومات. كانت تقول: إنها مشيئة الله عز وجل.


    هكذا أراد الله لها. وهكذا أراد لزوجها. ثم ها هي ذي في مغيبالعمر تتلقى البشارة. ستلد غلاما. ليس هذا فحسب، بشرتها الملائكة بأن ابنها سيكونله ولد تشهد مولده وتشهد حياته. لقد صبرت طويلا ثم يئست ثم نسيت. ثم يجيء جزاء اللهمفاجأة تمحو هذا كله في لحظة.


    فاضت دموعها وهي تقف. وأحس إبراهيم عليه الصلاة والسلام بإحساسمحير. جاشت نفسه بمشاعر الرحمة والقرب، وعاد يحس بأنه إزاء نعمة لا يعرف كيف يوفيهاحقها من الشكر. وخرّ إبراهيم ساجدا على وجهه.


    انتهى الأمر واستقرت البشرى في ذهنيهما معا. نهض إبراهيم من سجودهوقد ذهب عنه خوفه، واطمأنت حيرته، وغادره الروع، وسكنت قلبه البشرى التي حملوهاإليه. وتذكر أنهم أرسلوا إلى قوم لوط. ولوط ابن أخيه النازح معه من مسقط رأسه، والساكن على مقربةمنه. وإبراهيم يعرف معنى إرسال الملائكة إلى لوط وقومه. هذامعناه وقوع عذاب مروع. وطبيعة إبراهيم الرحيمة الودودة لا تجعله يطيق هلاك قوم فيتسليم. ربما رجع قوم لوط وأقلعوا وأسلموا أجابوا رسولهم.


    وبدأ إبراهيم يجادل الملائكة في قوم لوط. حدثهم عن احتمال إيمانهم ورجوعهم عن طريق الفجور، وأفهمه الملائكة أن هؤلاء قوممجرمون. وأن مهمتهم هي إرسال حجارة من طين مسومة من عند ربك للمسرفين. وعادإبراهيم، بعد أن سد الملائكة باب هذا الحوار، عاد يحدثهم عن المؤمنين من قوملوط. فقالت الملائكة: نحن أعلم بمن فيها. ثم أفهموه أن الأمرقد قضي. وإن مشيئة الله تبارك وتعالى قد اقتضت نفاذ الأمر وهلاك قوملوط. أفهموا إبراهيم أن عليه أن يعرض عن هذا الحوار. ليوفرحلمه ورحمته. لقد جاء أمر ربه. وتقرر عليهم (عَذَابٌ غَيْرُمَرْدُودٍ) عذاب لن يرده جدال إبراهيم. كانت كلمة الملائكة إيذانا بنهايةالجدال.. سكت إبراهيم. وتوجهت الملائكة لقوم لوط عليهالسلام.


    سنورد قصة بناء بيت الله تعالى في قصة إسماعيل عليه السلام.
    Anonymous
    ????
    زائر


    hgt رد: احسن وافضل القصص في الدنيا -- الجزء الثاني--

    مُساهمة من طرف ???? الجمعة ديسمبر 18, 2009 12:15 am

    لوط عليه السلام

    نبذة:

    أرسله الله ليهدي قومه ويدعوهم إلى عبادة الله، وكانوا قوما ظالمين يأتون الفواحش ويعتدون على الغرباء وكانوا يأتون الرجال شهوة من دون النساء فلما دعاهم لوط لترك المنكرات أرادوا أني خرجوه هو وقومه فلم يؤمن به غير بعض من آل بيته، أما امرأته فلم تؤمن ولما يئس لوط دعا الله أن ينجيهم ويهلك المفسدين فجاءت له الملائكة وأخرجوا لوط ومن آمن به وأهلكوا الآخرين بحجارة مسومة.

    سيرته:

    حال قوم لوط:

    دعى لوط قومه إلى عبادة الله وحده لا شريك له، ونهاهم عن كسب السيئات والفواحش.واصطدمت دعوته بقلوب قاسية وأهواء مريضةورفض متكبر. وحكموا على لوط وأهله بالطرد من القرية. فقد كان القوم الذين بعث إليهم لوط يرتكبون عددا كبيرا من الجرائم البشعة. كانوا يقطعون الطريق، ويخونون الرفيق، ويتواصون بالإثم، ولا يتناهون عن منكر، وقد زادوا في سجل جرائمهم جريمة لم يسبقهم بها أحد من العالمين.كانوا يأتون الرجال شهوة من دون النساء.

    لقد اختلت المقاييس عند قوم لوط.. فصارالرجال أهدافا مرغوبة بدلا من النساء، وصار النقاء والطهر جريمة تستوجب الطرد.. كانوا مرضى يرفضون الشفاء ويقاومونه.. ولقد كانت تصرفات قوم لوط تحزن قلب لوط.. كانوا يرتكبون جريمتهم علانية في ناديهم.. وكانوا إذا دخل المدينة غريب أو مسافر أوضيف لم ينقذه من أيديهم أحد.. وكانوا يقولون للوط: استضف أنت النساء ودع لناالرجال.. واستطارت شهرتهم الوبيلة، وجاهدهم لوط جهادا عظيما، وأقام عليهم حجته،ومرت الأيام والشهور والسنوات، وهو ماض في دعوته بغير أن يؤمن له أحد.. لم يؤمن بهغير أهل بيته.. حتى أهل بيته لم يؤمنوا به جميعا.كانتزوجته كافرة.

    وزاد الأمر بأن قام الكفرة بالاستهزاء برسالة لوط عليه السلام، فكانوايقولون: (ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنكُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ). فيئس لوطمنهم، ودعاالله أن ينصره ويهلك المفسدين.
    Anonymous
    ????
    زائر


    hgt رد: احسن وافضل القصص في الدنيا -- الجزء الثاني--

    مُساهمة من طرف ???? الجمعة ديسمبر 18, 2009 12:17 am

    ذهاب الملائكة لقوم لوط:

    خرج الملائكة من عند إبراهيم قاصدين قرية لوط.. بلغوا أسوارسدوم.. وابنة لوط واقفة تملأ وعاءها من مياه النهر.. رفعت وجهها فشاهدتهم.. فسألها أحدالملائكة: يا جارية.. هل من منزل؟

    قالت [وهي تذكر قومها]: مكانكم لا تدخلوا حتى أخبر أبي وآتيكم.. أسرعت نحو أبيها فأخبرته. فهرعلوطيجري نحوالغرباء.فلم يكد يراهم حتى (سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْذَرْعًا وَقَالَ هَـذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ) سألهم: منأين جاءوا؟ .. وما هي وجهتهم؟.. فصمتوا عن إجابته. وسألوه أن يضيفهم.. استحى منهموسار أمامهم قليلا ثم توقف والتفت إليهم يقول: لا أعلم على وجه الأرض أخبث من أهلهذا البلد.

    قال كلمته ليصرفهم عن المبيت في القرية، غير أنهم غضوا النظر عنقوله ولم يعلقوا عليه، وعاد يسير معهم ويلوي عنق الحديث ويقسره قسرا ويمضي به إلى أهل القرية -حدثهم أنهم خبثاء.. أنهم يخزون ضيوفهم.. حدثهم أنهم يفسدون في الأرض. وكان الصراع يجري داخله محاولا التوفيق بين أمرين.. صرف ضيوفه عن المبيت في القرية دون إحراجهم، وبغير إخلال بكرم الضيافة.. عبثا حاولإفهامهم والتلميح لهم أن يستمروا في رحلتهم، دون نزول بهذه القرية.

    سقط الليل على المدينة.. صحب لوط ضيوفه إلى بيته.. لم يرهم من أهلالمدينة أحد.. لم تكد زوجته تشهد الضيوف حتى تسللت خارجة بغير أن تشعره. أسرعت إلىقومها وأخبرتهم الخبر.. وانتشر الخبر مثل النار في الهشيم. وجاءقوم لوط لهمسرعين.. تساءل لوط بينه وبين نفسه: من الذي أخبرهم؟..وقف القوم على باب البيت.. خرج إليهم لوط متعلقا بأمل أخير، وبدأ بوعظهم:

    (هَـؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُلَكُمْ).. قال لهم: أمامكم النساء -زوجاتكم-هن أطهر.. فهن يلبين الفطرة السوية.. كما أن الخالق -جلّ في علاه- قد هيّئهن لهذا الأمر.

    (فَاتَّقُواْ اللّهَ).. يلمس نفوسهم من جانب التقوى بعد أن لمسها من جانب الفطرة.. اتقوا الله وتذكروا أن الله يسمع ويرى.. ويغضب ويعاقب وأجدر بالعقلاء اتقاء غضبه.

    (وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي).. هي محاولة يائسة لِلَمْس نخوتهم وتقاليدهم. و ينبغي عليهم إكرام الضيف لا فضحه.

    (أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ).. أليس فيكم رجل عاقل؟.. إن ما تريدونه -لو تحقق- هو عين الجنون.

    إلا أن كلمات لوط عليه السلاملم تلمسالفطرة المنحرفة المريضة، ولا القلب الجامد الميت، ولا العقل المريض الأحمق.. ظلتالفورة الشاذة على اندفاعها.

    أحس لوط بضعفه وهو غريب بين القوم.. نازح إليهم من بعيد بغير عشيرة تحميه، ولا أولاد ذكور يدافعون عنه.. دخل لوط غاضبا وأغلق باب بيته.. كان الغرباء الذين استضافهم يجلسون هادئين صامتين.. فدهش لوط من هدوئهم.. وازدادت ضربات القوم على الباب.. وصرخ لوطفي لحظة يأس خانق: (قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍشَدِيدٍ) تمنى أن تكون له قوة تصدهم عن ضيفه.. وتمنى لو كان له ركن شديد يحتمي فيه ويأوي إليه.. غاب عن لوط في شدته وكربته أنهيأوي إلى ركن شديد.. ركن الله الذي لا يتخلى عن أنبيائه وأوليائه.. قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم، وهو يقرأ هذه الآية: "رحمة الله على لوط.. كان يأوي إلى ركن شديد".

    هلاك قوم لوط:

    عندما بلغ الضيق ذروته.. وقال النبي كلمته.. تحرك ضيوفه ونهضوافجأة.. أفهموه أنه يأوي إلى ركن شديد.. فقالوا له لا تجزع يا لوط ولا تخف.. نحن ملائكة.. ولن يصل إليك هؤلاء القوم.. ثم نهض جبريل، عليه السلام، وأشار بيده إشارة سريعة، ففقد القومأبصارهم.

    التفتت الملائكة إلى لوط وأصدروا إليه أمرهم أن يصحب أهله أثناءالليل ويخرج.. سيسمعون أصواتا مروعة تزلزل الجبال.. لا يلتفت منهم أحد.. كي لايصيبه ما يصيب القوم.. أي عذاب هذا؟.. هو عذاب من نوع غريب، يكفي لوقوعه بالمرءمجرد النظر إليه.. أفهموه أن امرأته كانت من الغابرين.. امرأته كافرة مثلهم وستلتفت خلفها فيصيبها ما أصابهم.

    سأل لوط الملائكة: أينزل الله العذاب بهم الآن.. أنبئوه أن موعدهم مع العذاب هو الصبح.. (أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ)؟

    خرج لوط مع بناته وزوجته.. ساروا في الليل وغذوا السير.. واقترب الصبح.. كان لوط قد ابتعد مع أهله.. ثم جاء أمر الله تعالى.. قال العلماء: اقتلع جبريل، عليه السلام، بطرف جناحه مدنهم السبع من قرارهاالبعيد.. رفعها جميعا إلى عنان السماء حتى سمعت الملائكة أصوات ديكتهم ونباح كلابهم، قلب المدن السبع وهوى بها في الأرض.. أثناء السقوط كانت السماء تمطرهمبحجارة من الجحيم.. حجارة صلبة قوية يتبع بعضها بعضا، ومعلمة بأسمائهم، ومقدرةعليهم.. استمر الجحيم يمطرهم.. وانتهى قوم لوط تماما.. لم يعد هناك أحد.. نكست المدن على رؤوسها، وغارت في الأرض، حتى انفجر الماء من الأرض.. هلك قوم لوط ومحي تمدنهم.

    كان لوط يسمع أصوات مروعة.. وكان يحاذر أن يلتفت خلفه.. نظرت زوجته نحو مصدر الصوت فانتهت.. تهرأ جسدها وتفتت مثل عمود ساقط من الملح.

    قال العلماء: إن مكان المدن السبع.. بحيرة غريبة.. ماؤها أجاج.. وكثافة الماء أعظم من كثافة مياه البحر الملحة.. وفي هذه البحيرة صخور معدنية ذائبة.. توحي بأن هذه الحجارة التي ضرب بها قوم لوط كانت شهبا مشعلة. يقال إن البحيرة الحالية التي نعرفها باسم "البحر الميت" في فلسطين.. هي مدن قوم لوط السابقة.

    انطوت صفحة قوم لوط.. انمحت مدنهم وأسمائهم من الأرض.. سقطوا منذاكرة الحياة والأحياء.. وطويت صفحة من صفحات الفساد.. وتوجهلوطإلى إبراهيم.. زار إبراهيم وقص عليه نبأ قومه.. وأدهشه أن إبراهيم كان يعلم.. ومضى لوط في دعوته إلى الله.. مثلما مضى الحليم الأواه المنيب إبراهيم فبدعوته إلى الله.. مضى الاثنان ينشران الإسلام في الأرض.
    Anonymous
    ????
    زائر


    hgt رد: احسن وافضل القصص في الدنيا -- الجزء الثاني--

    مُساهمة من طرف ???? الجمعة ديسمبر 18, 2009 12:18 am

    إسماعيل عليه السلام

    نبذة:

    هو ابن إبراهيم البكر وولدالسيدة هاجر، سار إبراهيم بهاجر - بأمر من الله - حتى وضعها وابنها في موضع مكةوتركهما ومعهما قليل من الماء والتمر ولما نفد الزاد جعلت السيدة هاجر تطوف هناوهناك حتى هداها الله إلى ماء زمزم ووفد عليها كثير من الناس حتى جاء أمر الله لسيدنا إبراهيم ببناء الكعبة ورفع قواعد البيت، فجعل إسماعيل يأتي بالحجر وإبراهيميبني حتى أتما البناء ثم جاء أمر الله بذبح إسماعيل حيث رأى إبراهيم في منامه أنهيذبح ابنه فعرض عليه ذلك فقال "يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله منالصابرين" ففداه الله بذبح عظيم، كان إسماعيل فارسا فهو أول من استأنس الخيل وكانصبورا حليما، يقال إنه أول من تحدث بالعربية البينة وكان صادق الوعد، وكان يأمرأهله بالصلاة والزكاة، وكان ينادي بعبادة الله ووحدانيته.



    سيرته:

    الاختبار الأول:

    ذكر الله في كتابه الكريم، ثلاث مشاهد من حياة إسماعيل عليهالسلام. كل مشهد عبارة عن محنة واختبار لكل من إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام. أول هذه المشاهد هو أمر الله سبحانه وتعالى لإبراهيم بترك إسماعيل وأمه في واد مقفر، لا ماء فيه ولاطعام. فما كان من إبراهيم عليه السلام إلا الاستجابةلهذا الأمر الرباني. وهذا بخلاف ما ورد في الإسرائيليات من أن إبراهيم حمل ابنه وزوجته لوادي مكة لأن سارة -زوجةإبراهيم الأولى- اضطرته لذلك من شدة غيرتها من هاجر. فالمتأمل لسيرة إبراهيم عليه السلام، سيجد أنه لم يكنليتلقّى أوامره من أحد غير الله.

    أنزل زوجته وابنه وتركهما هناك،ترك معهما جرابا فيه بعض الطعام، وقليلا من الماء. ثم استدار وتركهماوسار.

    أسرعت خلفه زوجته وهي تقول له: ياإبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيهشيء؟

    لم يرد عليها سيدنا إبراهيم وظل يسير.. عادت تقول له ما قالته وهوصامت.. أخيرا فهمت أنه لا يتصرف هكذا من نفسه.. أدركت أن الله أمره بذلك فسألته: هلالله أمرك بهذا؟

    فقال إبراهيم عليه السلام: نعم.

    قالت زوجته المؤمنة العظيمة: لن نضيع ما دام الله معنا وهو الذيأمرك بهذا.

    وسارإبراهيم حتى إذا أخفاه جبل عنهماوقف ورفع يديه الكريمتين إلى السماء وراح يدعو الله:

    رَّبَّنَا إِنِّيأَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِرَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِيإِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ(37) (إبراهيم)

    لم يكن بيت الله قد أعيد بناؤه بعد، لم تكن الكعبة قد بنيت، وكانتهناك حكمة عليا في أمر الله سبحانه لإبراهيم، فقد كان إسماعيل -الطفل الذي تُرِكَ مع أمه في هذا المكان- ووالده من سيكونان المسؤولانبناء الكعبة فيما بعد.. وكانت حكمة الله تقضي أن يسكن أحد في هذا الوادي، لميتدإليه العمران.

    بعد أن ترك إبراهيم زوجته وابنهالرضيع في الصحراء بأيام نفد الماء وانتهى الطعام، وجف لبن الأم.. وأحست هاجروإسماعيل بالعطش.

    بدأ إسماعيل يبكي من العطش.. فتركته أمه وانطلقت تبحث عن ماء.. راحت تمشي مسرعة حتى وصلت إلى جبل اسمه "الصفا".. فصعدت إليه وراحت تبحث به عن بئرأو إنسان أو قافلة.. لم يكن هناك شيء. ونزلت مسرعة من الصفا حتى إذا وصلت إلىالوادي راحت تسعى سعي الإنسان المجهد حتى جاوزت الوادي ووصلت إلى جبل "المروة"،فصعدت إليه ونظرت لترى أحدا لكنها لم تر أحدا. وعادت الأم إلى طفلها فوجدته يبكيوقد اشتد عطشه.. وأسرعت إلى الصفا فوقفت عليه، وهرولت إلى المروة فنظرت من فوقه.. وراحت تذهب وتجيء سبع مرات بين الجبلين الصغيرين.. سبع مرات وهي تذهب وتعود - ولهذايذهب الحجاج سبع مرات ويعودون بين الصفا والمروة إحياء لذكريات أمهم الأولى ونبيهمالعظيم إسماعيل. عادت هاجر بعد المرة السابعة وهي مجهدة متعبة تلهث.. وجلست بجوارابنها الذي كان صوته قد بح من البكاء والعطش.

    وفي هذه اللحظة اليائسة أدركتها رحمة الله، وضرب إسماعيل بقدمهالأرض وهو يبكي فانفجرت تحت قدمه بئر زمزم.. وفار الماء من البئر.. أنقذت حياتاالطفل والأم.. راحت الأم تغرف بيدها وهي تشكر الله.. وشربت وسقت طفلها وبدأت الحياةتدب في المنطقة.. صدق ظنها حين قالت: لن نضيع ما دام الله معنا.

    وبدأت بعض القوافل تستقر في المنطقة.. وجذب الماء الذي انفجر منبئر زمزم عديدا من الناس.. وبدأ العمران يبسط أجنحته على المكان.

    كانت هذه هي المحنة الاولى.. أما المحنة الثانية فهي الذبح.
    Anonymous
    ????
    زائر


    hgt رد: احسن وافضل القصص في الدنيا -- الجزء الثاني--

    مُساهمة من طرف ???? الجمعة ديسمبر 18, 2009 12:20 am

    الاختبار الثاني:


    كبر إسماعيل.. وتعلق به قلب إبراهيم.. جاءه العقب على كبر فأحبه.. وابتلى الله تعالى إبراهيم بلاء عظيما بسبب هذا الحب. فقد رأى إبراهيم عليه السلامفي المنام أنه يذبح ابنه الوحيد إسماعيل. وإبراهيم يعملأن رؤيا الأنبياء وحي.


    انظر كيف يختبر الله عباده. تأمل أي نوع من أنواع الاختبار. نحنأمام نبي قلبه أرحم قلب في الأرض. اتسع قلبه لحب الله وحب من خلق. جاءه ابن علىكبر.. وقد طعن هو في السن ولا أمل هناك في أن ينجب. ثم ها هو ذا يستسلم للنوم فيرىفي المنام أنه يذبح ابنه وبكره ووحيده الذي ليس له غيره.


    أي نوع من الصراع نشب في نفسه. يخطئ من يظن أن صراعا لم ينشأ قط. لا يكون بلاء مبينا هذا الموقف الذي يخلو من الصراع. نشب الصراع في نفس إبراهيم.. صراع أثارته عاطفة الأبوة الحانية. لكن إبراهيم لم يسأل عن السبب وراء ذبح ابنه. فليس إبراهيم من يسأل ربه عن أوامره.


    فكرإبراهيم في ولده.. ماذا يقول عنهإذا أرقده على الأرض ليذبحه.. الأفضل أن يقول لولده ليكون ذلك أطيب لقلبه وأهونعليه من أن يأخذه قهرا ويذبحه قهرا. هذا أفضل.. انتهى الأمر وذهب إلى ولده (قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِيالْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى). انظر إلى تلطفه فيإبلاغ ولده، وترك الأمر لينظر فيه الابن بالطاعة.. إن الأمر مقضي في نظرإبراهيم لأنه وحي من ربه.. فماذا يرى الابن الكريم في ذلك؟أجاب إسماعيل: هذا أمر يا أبي فبادر بتنفيذه (يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءاللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ). تأمل رد الابن.. إنسان يعرف أنه سيذبح فيمتثل للأمر الإلهي ويقدم المشيئة ويطمئن والده أنه سيجده (إِن شَاءاللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ). هو الصبر على أي حال وعلى كل حال.. وربمااستعذب الابن أن يموت ذبحا بأمر من الله.. ها هو ذا إبراهيم يكتشف أن ابنه ينافسهفي حب الله. لا نعرف أي مشاعر جاشت في نفس إبراهيم بعداستسلام ابنه الصابر.


    ينقلنا الحق نقلة خاطفة فإذا إسماعيل راقد على الأرض، وجهه فيالأرض رحمة به كيلا يرى نفسه وهو يذبح. وإذا إبراهيم يرفع يده بالسكين.. وإذا أمرالله مطاع. (فَلَمَّاأَسْلَمَا) استخدم القرآن هذا التعبير.. (فَلَمَّاأَسْلَمَا) هذا هو الإسلام الحقيقي.. تعطي كل شيء، فلا يتبقى منك شيء.


    عندئذ فقط.. وفي اللحظة التي كان السكين فيها يتهيأ لإمضاء أمره.. نادى الله إبراهيم.. انتهى اختباره، وفدى الله إسماعيل بذبح عظيم - وصار اليوم عيدا لقوم لم يولدوا بعد، هم المسلمون. صارت هذه اللحظاتعيدا للمسلمين. عيدا يذكرهم بمعنى الإسلام الحقيقي الذي كان عليه إبراهيم وإسماعيل.


    خبر زوجة إسماعيل:


    عاش إسماعيل في شبه الجزيرة العربية ما شاء الله له أن يعيش.. روضالخيل واستأنسها واستخدمها، وساعدت مياه زمزم على سكنى المنطقة وتعميرها. استقرتبها بعض القوافل.. وسكنتها القبائل.. وكبر إسماعيل وتزوج، وزاره إبراهيم فلم يجده في بيته ووجد امرأته.. سألها عن عيشهموحالهم، فشكت إليه من الضيق والشدة.


    قال لهاإبراهيم: إذا جاء زوجك مريهأن يغير عتبة بابه.. فلما جاء إسماعيل، ووصفت له زوجته الرجل.. قال: هذا أبي وهويأمرني بفراقك.. الحقي بأهلك.


    وتزوج إسماعيل امرأة ثانية.. زارها إبراهيم، يسألها عن حالها،فحدثته أنهم في نعمة وخير.. وطاب صدرإبراهيم بهذهالزوجة لابنه.


    الاختبارالثالث:


    وها نحن الآن أمام الاختبارالثالث.. اختبار لا يمس إبراهيم وإسماعيل فقط. بل يمس ملايين البشر من بعدهم إلىيوم القيامة.. إنها مهمة أوكلها الله تعالى لهذين النبيين الكريمين.. مهمة بناء بيتالله تعالى في الأرض.


    كبر إسماعيل.. وبلغ أشده.. وجاءه إبراهيم وقال له: يا إسماعيل.. إن الله أمرني بأمر. قالإسماعيل: فاصنع ما أمرك به ربك.. قال إبراهيم: وتعينني؟قال: وأعينك. فقال إبراهيم: فإن الله أمرني أن ابني هنابيتا. أشار بيده لصحن منخفض هناك.


    صدر الأمر ببناء بيت الله الحرام.. هو أول بيت وضع للناس فيالأرض.. وهو أول بيت عبد فيه الإنسان ربه.. ولما كان آدم هوأول إنسان هبط إلى الأرض.. فإليه يرجع فضل بنائه أول مرة.. قال العلماء: إن آدم بناه وراح يطوف حوله مثلما يطوف الملائكة حول عرش الله تعالى.


    بنى آدم خيمة يعبد فيها الله.. شيء طبيعيأن يبني آدم -بوصفه نبيا- بيتا لعبادة ربه.. وحفت الرحمةبهذا المكان.. ثم مات آدم ومرت القرون، وطال عليه العهدفضاع أثر البيت وخفي مكانه.. وها هو ذاإبراهيم يتلقىالأمر ببنائه مرة ثانية.. ليظل في المرة الثانية قائما إلى يوم القيامة إن شاءالله. وبدأ بناء الكعبة..


    هدمت الكعبة في التاريخ أكثر من مرة، وكان بناؤها يعاد في كلمرة.. فهي باقية منذ عهدإبراهيم إلى اليوم.. وحين بعث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، تحقيقا لدعوةإبراهيم.. وجدالرسول الكعبةحيث بنيت آخر مرة، وقد قصر الجهد بمن بناها فلم يحفر أساسها كما حفره إبراهيم
    Anonymous
    ????
    زائر


    hgt رد: احسن وافضل القصص في الدنيا -- الجزء الثاني--

    مُساهمة من طرف ???? الجمعة ديسمبر 18, 2009 12:20 am

    نفهم من هذا إن إبراهيم وإسماعيل بذلافيها وحدهما جهدا استحالت -بعد ذلك- محاكاته على عدد كبير من الرجال.. ولقد صرح الرسول بأنه يحب هدمها وإعادتها إلى أساس إبراهيم، لولا قرب عهد القوم بالجاهلية، وخشيته أن يفتن الناس هدمها وبناؤها من جديد.. بناؤها بحيث تصل إلى قواعدإبراهيم وإسماعيل.


    أي جهد شاق بذله النبيان الكريمان وحدهما؟ كان عليهما حفر الأساس لعمق غائر في الأرض، وكان عليهما قطع الحجارة من الجبال البعيدة والقريبة، ونقلهابعد ذلك، وتسويتها، وبناؤها وتعليتها.. وكان الأمر يستوجب جهد جيل من الرجال،ولكنهما بنياها معا.


    لا نعرف كم هو الوقت الذي استغرقه بناء الكعبة، كما نجهل الوقت الذي استغرقه بناء سفينة نوح، المهم أن سفينة نوح والكعبة كانتا معا ملاذا للناس ومثوبة وأمنا.. والكعبة هي سفينة نوح الثابتة على الأرض أبدا.. وهي تنتظر الراغبين فيالنجاة من هول الطوفان دائما.
    لم يحدثنا الله عن زمن بناء الكعبة.. حدثنا عن أمر أخطر وأجدى.. حدثنا عن تجرد نفسية من كان يبنيها.. ودعائه وهو يبنيها:


    وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَمِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُالْعَلِيمُ(127)رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَوَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْعَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ(128)رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاًمِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ(129) (البقرة)


    إن أعظم مسلمين على وجه الأرض يومها يدعوان الله أن يتقبل عملهما،وأن يجعلهما مسلمين له.. يعرفان أن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن. وتبلغالرحمة بهما أن يسألا الله أن يخرج من ذريتهما أمة مسلمة له سبحانه.. يريدان أنيزيد عدد العابدين الموجودين والطائفين والركع السجود. إن دعوة إبراهيم وإسماعيلتكشف عن اهتمامات القلب المؤمن.. إنه يبني لله بيته، ومع هذا يشغله أمر العقيدة.. ذلك إيحاء بأن البيت رمز العقيدة. ثم يدعوان الله أن يريهم أسلوب العبادة الذييرضاه، وأن يتوب عليهم فهو التواب الرحيم. بعدها يتجاوز اهتمامها هذا الزمن الذييعيشان فيه.. يجاوزانه ويدعوان الله أن يبث رسولا لهؤلاء البشر. وتحققت هذه الدعوةالأخيرة.. حين بعث محمد بن عبد الله، صلى الله عليهوسلم.. تحققت بعد أزمنة وأزمنة.


    انتهى بناء البيت، وأراد إبراهيم حجرا مميزا، يكون علامة خاصة يبدأ منها الطواف حول الكعبة.. أمرإبراهيم إسماعيل أن يأتيه بحجر مميز يختلف عن لون حجارةالكعبة.


    سار إسماعيل ملبيا أمر والده.. حين عاد، كان إبراهيم قد وضع الحجر الأسود في مكانه.. فسأله إسماعيل: منالذي أحضره إليك يا أبت؟ فأجاب إبراهيم: أحضره جبريل عليه السلام.


    انتهى بناء الكعبة.. وبدأ طواف الموحدين والمسلمين حولها.. ووقف إبراهيم يدعو ربه نفس دعائه من قبل.. أن يجعل أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إلى المكان.. انظر إلى التعبير.. إن الهوى يصور انحدارا لا يقاوم نحو شيء.. وقمة ذلك هوى الكعبة. من هذهالدعوة ولد الهوى العميق في نفوس المسلمين، رغبة في زيارة البيت الحرام.


    وصار كل من يزور المسجد الحرام ويعود إلى بلده.. يحس أنه يزدادعطشا كلما ازداد ريا منه، ويعمق حنينه إليه كلما بعد منه، وتجيء أوقات الحج في كلعام.. فينشب الهوى الغامض أظافره في القلب نزوعا إلى رؤية البيت، وعطشا إلى بئرزمزم.


    قال تعالى حين جادل المجادلون في إبراهيم وإسماعيل.


    مَا كَانَإِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًاوَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ(67) (آل عمران)


    عليه الصلاة والسلام.. استجاب الله دعاءه.. وكان إبراهيم أول من سمانا المسلمين
    Anonymous
    ????
    زائر


    hgt رد: احسن وافضل القصص في الدنيا -- الجزء الثاني--

    مُساهمة من طرف ???? الجمعة ديسمبر 18, 2009 12:22 am

    يعقوب عليه السلام
    نبذة:
    ابن إسحاق يقال له "إسرائيل" وتعني عبد الله، كان نبيا لقومه، وكان تقيا وبشرت به الملائكة جدهإبراهيم وزوجته سارة عليهما السلام وهو والد يوسف.
    سيرته:
    هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم.. اسمه إسرائيل.. كان نبيا إلى قومه.. ذكر الله تعالى ثلاث أجزاء من قصته.. بشارة ميلاده.. وقد بشر الملائكة به إبراهيم جده.. وسارة جدته.. أيضا ذكر الله تعالى وصيته عند وفاته.. وسيذكره الله فيما بعد -بغيرإشارة لاسمه- في قصة يوسف.
    نعرف مقدار تقواه من هذه الإشارة السريعة إلى وفاته.. نعلم أن الموت كارثة تدهم الإنسان، فلا يذكر غير همه ومصيبته.. غير أن يعقوب لا ينسى وهو يموت أن يدعو إلى ربه.. قال تعالى في سورة (البقرة):
    أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءإِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِيقَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَوَإِسْحَاقَ إِلَـهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ(133) (البقرة)
    إن هذا المشهد بين يعقوب وبنيه في ساعة الموت ولحظات الاحتضار،مشهد عظيم الدلالة.. نحن أمام ميت يحتضر.. ما القضية التي تشغل باله في ساعةالاحتضار..؟ ما الأفكار التي تعبر ذهنه الذي يتهيأ للانزلاق مع سكرات الموت..؟ ماالأمر الخطير الذي يريد أن يطمئن عليه قبل موته..؟ ما التركة التي يريد أن يخلفهالأبنائه وأحفاده..؟ ما الشيء الذي يريد أن يطمئن -قبل موته- على سلامة وصولهللناس.. كل الناس..؟
    ستجد الجواب عن هذه الأسئلة كلها في سؤاله (مَا تَعْبُدُونَ مِنبَعْدِي). هذا ما يشغله ويؤرقه ويحرص عليه في سكرات الموت.. قضية الإيمانبالله. هي القضية الأولى والوحيدة، وهي الميراث الحقيقي الذي لا ينخره السوس ولايفسده.. وهي الذخر والملاذ.
    قال أبناء إسرائيل: نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاقإلها واحدا، ونحن له مسلمون.. والنص قاطع في أنهم بعثوا على الإسلام.. إن خرجواعنه، خرجوا من رحمة الله.. وإن ظلوا فيه، أدركتهم الرحمة.
    مات يعقوب وهو يسأل أبناءه عن الإسلام، ويطمئن على عقيدتهم.. وقبل موته، ابتلي بلاء شديدا في ابنه يوسف.
    سترد معنا مشاهد من قصة يعقوب عليه السلام عند ذكرنا لقصة ابنه النبي الكريم يوسف عليه السلام.
    Anonymous
    ????
    زائر


    hgt رد: احسن وافضل القصص في الدنيا -- الجزء الثاني--

    مُساهمة من طرف ???? الجمعة ديسمبر 18, 2009 12:23 am

    يوسف عليه السلام

    نبذة:

    ولد سيدنا يوسف وكان له 11أخا وكان أبوه يحبه كثيرا وفي ذات ليلة رأى أحد عشر كوكبا والشمس والقمر له ساجدين،فقص على والده ما رأى فقال له ألا يقصها على إخوته، ولكن الشيطان وسوس لإخوتهفاتفقوا على أن يلقوه في غيابات الجب وادعوا أن الذئب أكله، ثم مر به ناس من البدوفأخذوه وباعوه بثمن بخس واشتراه عزيز مصر وطلب من زوجته أن ترعاه، ولكنها أخذتتراوده عن نفسه فأبى فكادت له ودخل السجن، ثم أظهر الله براءته وخرج من السجن ،واستعمله الملك على شئون الغذاء التي أحسن إدارتها في سنوات القحط، ثم اجتمع شملهمع إخوته ووالديه وخروا له سجدا وتحققت رؤياه.

    سيرته:

    قبل أن نبدأ بقصة يوسف عليه السلام، نود الإشارة لعدة أمور. أولهااختلاف طريقة رواية قصة يوسف عليه السلام في القرآن الكريم عن بقية قصص الأنبياء،فجاءت قصص الأنبياء في عدة سور، بينما جاءت قصة يوسف كاملة في سورة واحدة. قال تعالى في سورة (يوسف):

    نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3) (يوسف)

    واختلف العلماء لم سميت هذه القصة أحسن القصص؟ قيل إنها تنفرد منبين قصص القرآن باحتوائها على عالم كامل من العبر والحكم.. وقيل لأن يوسف تجاوز عنإخوته وصبر عليهم وعفا عنهم.. وقيل لأن فيها ذكر الأنبياء والصالحين، والعفةوالغواية، وسير الملوك والممالك، والرجال والنساء، وحيل النساء ومكرهن، وفيها ذكرالتوحيد والفقه، وتعبير الرؤيا وتفسيرها، فهي سورة غنية بالمشاهد والانفعالات.. وقيل: إنها سميت أحسن القصص لأن مآل من كانوا فيها جميعا كان إلى السعادة.

    ومع تقديرنا لهذه الأسباب كلها.. نعتقد أن ثمة سببا مهما يميز هذهالقصة.. إنها تمضي في خط واحد منذ البداية إلى النهاية.. يلتحم مضمونها وشكلها،ويفضي بك لإحساس عميق بقهر الله وغلبته ونفاذ أحكامه رغم وقوف البشر ضدها. (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ) هذا ما تثبته قصة يوسف بشكل حاسم، لا ينفي حسمه أنه تم بنعومة وإعجاز.

    لنمضي الآن بقصة يوسف -عليه السلام- ولنقسمها لعدد من الفصول والمشاهد ليسهل علينا تتبع الأحداث.

    المشهد الأول من فصلطفولهيوسف:

    ذهب يوسف الصبي الصغير لأبيه، وحكى له عن رؤيارآها. أخبره بأنه رأى في المنام أحد عشر كوكبا والشمس والقمر ساجدين له.استمع الأب إلى رؤيا ابنه وحذره أن يحكيها لأخوته.فلقدأدرك يعقوب -عليه السلام- بحدسه وبصيرته أن وراءهذه الرؤية شأنا عظيما لهذا الغلام. لذلك نصحه بأن لا يقص رؤياه على إخوته خشية أنيستشعورا ما وراءها لأخيهم الصغير -غير الشقيق، حيث تزوج يعقوب من امرأة ثانيةأنجبت له يوسف وشقيقه- فيجد الشيطان من هذا ثغرة في نفوسهم، فتمتلئ نفوسهم بالحقد،فيدبروا له أمرا يسوؤه. استجاب يوسف لتحذير أبيه.. لم يحدث أخوته بما رأى، وأغلب الظن أنهم كانوا يكرهونه إلى الحد الذي يصعب فيه أن يطمئنإليهم ويحكي لهم دخائله الخاصة وأحلامه.
    Anonymous
    ????
    زائر


    hgt رد: احسن وافضل القصص في الدنيا -- الجزء الثاني--

    مُساهمة من طرف ???? الجمعة ديسمبر 18, 2009 12:27 am

    المشهد الثاني:



    اجتمع أخوة يوسف يتحدثون فيأمره.(إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُأَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍمُّبِينٍ) أي نحن مجموعة قوية تدفع وتنفع، فأبونا مخطئ في تفضيل هذينالصبيين على مجموعة من الرجال النافعين! فاقترح أحدهم حلا للموضوع: (اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِاطْرَحُوهُ أَرْضًا). إنهالحقد وتدخل الشيطان الذي ضخم حب أبيهم ليوسف وإيثاره عليهم حتى جعله يوازي القتل. أكبر جرائم الأرض قاطبة بعد الشرك بالله. وطرحه فيأرض بعيدة نائية مرادف للقتل، لأنه سيموت هناك لا محاله.ولماذا هذا كله؟! حتى لا يراه أبوه فينساه فيوجه حبه كله لهم. ومن ثم يتوبون عن جريمتهم (وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ).



    قال قائل منهم -حرك الله أعماقه بشفقة خفية، أو أثار الله في أعماقه رعبا من القتل: ما الداعي لقتله؟إن كنتم تريدون الخلاص منه، فلنلقه فيبئر تمر عليها القوافل.. ستلتقطه قافلة وترحل به بعيدا.. سيختفي عن وجه أبيه.. ويتحقق غرضنا من إبعاده.



    انهزمت فكرة القتل، واختيرت فكرة النفي والإبعاد. نفهم من هذا أنالأخوة، رغم شرهم وحسدهم، كان في قلوبهم، أو في قلوب بعضهم، بعض خير لم يمتبعد.



    المشهد الثالث:



    توجه الأبناء لأبيهم يطلبون منه السماح ليوسف بمرافقتهم.دار الحوار بينهم وبين أبيهم بنعومة وعتاب خفي، وإثارةللمشاعر.. مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ..؟أيمكن أن يكون يوسف أخانا، وأنت تخاف عليه من بيننا ولا تستأمننا عليه، ونحن نحبهوننصح له ونرعاه؟ لماذا لا ترسله معنا يرتع ويلعب؟



    وردا على العتاب الاستنكاري الأول جعل يعقوب عليه السلام ينفي -بطريقة غير مباشرة- أنه لا يأمنهم عليه، ويعلل احتجازه معه بقلة صبره على فراقهوخوفه عليه من الذئاب:قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُواْ بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُالذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ.



    ففندوا فكرة الذئب الذي يخاف أبوه أن يأكله.. نحن عشرة منالرجال.. فهل نغفل عنه ونحن كثرة؟ نكون خاسرين غير أهل للرجولة لو وقع ذلك.. لنيأكله الذئب ولا داعي للخوف عليه.



    وافق الأب تحت ضغط أبنائه.. ليتحقق قدر الله وتتم القصة كما تقتضي مشيئته!



    المشهد الرابع:



    خرج الأخوة ومعهم يوسف، وأخذوه للصحراء.اختاروا بئرا لا ينقطع عنها مرور القوافل وحملوه وهموا بإلقائه فيالبئر.. وأوحى الله إلى يوسف أنه ناج فلا يخاف.. وأنه سيلقاهم بعد يومهم هذا وينبئهم بما فعلوه.



    المشهد الخامس:



    عند العشاء جاء الأبناء باكين ليحكوا لأبيهم قصة الذئب المزعومة. أخبروه بأنهم ذهبوا يستبقون، فجاء ذئب على غفلة، وأكل يوسف. لقد ألهاهم الحقد الفائر عن سبك الكذبة،فلو كانوا أهدأ أعصابا ما فعلوها من المرة الأولى التي يأذن لهم فيها يعقوب باصطحابيوسف معهم! ولكنهم كانوا معجلين لا يصبرون، يخشون ألا تواتيهم الفرصة مرة أخرى. كذلك كان التقاطهم لحكاية الذئب دليلا على التسرع، وقدكانأبوهم يحذرهم منها أمس، وهم ينفونها. فلم يكن من المستساغ أن يذهبوا في الصباحليتركوا يوسف للذئب الذي حذرهم أبوهم منهأمس! وبمثل هذاالتسرع جاءوا على قميصه بدم كذب لطخوه به في غير إتقان ونسوا في انفعالهم أن يمزقواقميص يوسف.. جاءوا بالقميص كما هو سليما، ولكن ملطخا بالدم.. وانتهى كلامهم بدليلقوي على كذبهم حين قالوا: (وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَاوَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ) أي وما أنت بمطمئن لما نقوله، ولو كان هو الصدق،لأنك تشك فينا ولا تطمئن لما نقوله.



    أدرك يعقوب من دلائل الحال ومن نداء قلبه ومن الأكذوبة الواضحة،أن يوسف لم يأكله الذئب، وأنهم دبروا له مكيدة ما، وأنهم يلفقون له قصة لم تقع،فواجههم بأن نفوسهم قد حسنت لهم أمرا منكرا وذللته ويسرت لهم ارتكابه؛ وأنه سيصبرمتحملا متجملا لا يجزع ولا يفزع ولا يشكو، مستعينا بالله على ما يلفقونه من حيلوأكاذيب:قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْأَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَاتَصِفُونَ



    المشهدالأخير من الفصل الأول من حياة سيدنا يوسف عليه السلام:



    أثناء وجود يوسف بالبئر، مرت عليه قافلة.. قافلة في طريقها إلىمصر.. قافلة كبيرة.. سارت طويلا حتى سميت سيارة.. توقفوا للتزود بالماء..وأرسلوا أحدهم للبئر فأدلىالدلوفيه.. تعلق يوسف به.. ظن من دلاه أنه امتلأ بالماء فسحبه.. ففرح بما رأى.. رأى غلاما متعلقا بالدلو.. فسرى على يوسف حكم الأشياء المفقودة التي يلتقطها أحد.. يصير عبدالمن التقطه.. هكذا كان قانون ذلك الزمان البعيد.



    فرح به من وجده في البداية، ثم زهد فيه حين فكر في همه ومسئوليته،وزهد فيه لأنه وجده صبيا صغيرا.. وعزم على التخلص منه لدى وصوله إلى مصر.. ولم يكديصل إلى مصر حتى باعه في سوق الرقيق بثمن زهيد، دراهم معدودة. ومن هناك اشتراه رجلتبدو عليه الأهمية.



    انتهت المحنة الأولى في حياة هذاالنبي الكريم، لبتدأ المحنة الثانية، والفصل الثاني من حياته.



    ثم يكشف الله تعالى مضمون القصة البعيد في بدايتها (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِوَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ). لقد انطبقت جدران العبودية على يوسف. ألقي في البئر، أهين، حرم منأبيه، التقط من البئر، صار عبدا يباع في الأسواق، اشتراه رجل من مصر، صار مملوكالهذا الرجل.. انطبقت المأساة، وصار يوسف بلا حول ولا قوة.. هكذا يظن أي إنسان.. غيرأن الحقيقة شيء يختلف عن الظن تماما.



    ما نتصور نحن أنه مأساة ومحنة وفتنة.. كان هو أول سلم يصعده يوسففي طريقه إلى مجده.. (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ) .. ينفذ تدبيره رغم تدبير الآخرين. ينفذ من خلاله تدبير الآخرين فيفسده ويتحقق وعدالله، وقد وعد الله يوسف بالنبوة.
    Anonymous
    ????
    زائر


    hgt رد: احسن وافضل القصص في الدنيا -- الجزء الثاني--

    مُساهمة من طرف ???? الجمعة ديسمبر 18, 2009 12:32 am

    وها هو ذا يلقي محبته على صاحبه الذي اشتراه.. وها هو ذا السيديقول لزوجته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا. وليس هذا السيد رجلا هينالشأن.. إنما هو رجل مهم.. رجل من الطبقة الحاكمة في مصر.. سنعلم بعد قليل أنه وزيرمن وزراء الملك. وزير خطير سماه القرآن "العزيز"، وكان قدماء المصريين يطلقونالصفات كأسماء على الوزراء. فهذا العزيز.. وهذا العادل.. وهذا القوي.. إلى آخره.. وأرجح الآراء أن العزيز هو رئيس وزراء مصر.

    وهكذا مكن الله ليوسف في الأرض.. سيتربى كصبي في بيت رجل يحكم. وسيعلمه الله من تأويل الأحاديث والرؤى.. وسيحتاج إليه الملك في مصر يوما. (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَيَعْلَمُونَ). تم هذا كله من خلال فتنة قاسية تعرض لها يوسف.

    ثم يبين لنا المولى عز وجل كرمه على يوسف فيقول:

    وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًاوَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ(22) (يوسف)

    كان يوسف أجمل رجل في عصره.. وكان نقاء أعماقه وصفاء سريرتهيضفيان على وجهه مزيدا من الجمال. وأوتي صحة الحكم على الأمور.. وأوتي علما بالحياةوأحوالها. وأوتي أسلوبا في الحوار يخضع قلب من يستمع إليه.. وأوتي نبلا وعفة، جعلاهشخصية إنسانية لا تقاوم.

    وأدرك سيده أن الله قد أكرمه بإرسال يوسف إليه.. اكتشف أن يوسفأكثر من رأى في حياته أمانة واستقامة وشهامة وكرما.. وجعله سيده مسئولا عن بيتهوأكرمه وعامله كابنه.

    ويبدأ المشهد الأول منالفصل الثاني في حياته:

    في هذا المشهد تبدأ محنة يوسف الثانية، وهي أشد وأعمق من المحنةالأولى. جاءته وقد أوتي صحة الحكم وأوتي العلم -رحمة من الله- ليواجهها وينجو منهاجزاء إحسانه الذي سجله الله له في قرآنه. يذكر الله تعالى هذه المحنة في كتابهالكريم:

    وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِالأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَمَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ(23)وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّبِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَوَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ(24) (يوسف)

    لا يذكر السياق القرآني شيئا عن سنها وسنه، فلننظر في ذلك من بابالتقدير. لقد أحضر يوسف صبيا من البئر، كانت هي زوجة في الثلاثة والعشرين مثلا،وكان هو في الثانية عشرا. بعد ثلاثة عشر عاما صارت هي في السادسة والثلاثين ووصلعمره إلى الخامسة والعشرين. أغلب الظن أن الأمر كذلك. إن تصرف المرأة في الحادثةوما بعدها يشير إلى أنها مكتملة جريئة.

    والآن، لنتدبر معنا في كلمات هذه الآيات.

    (وَرَاوَدَتْهُ) صراحة (عَن نَّفْسِهِ)، وأغلقت (الأَبْوَابَوَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ). لن تفر مني هذه المرة. هذا يعني أنه كانت هناك مراتسابقة فر فيها منها. مرات سابقة لم تكن الدعوة فيها بهذه الصراحة وهذا التعري. فيبدوا أن امرأة العزيز سئمت تجاهل يوسف لتلميحاتها المستمرة وإباءه.. فقررت أنتغير خطتها. خرجت من التلميح إلى التصريح.. أغلقت الأبواب ومزقت أقنعة الحياء وصرحتبحبها وطالبته بنفسه.

    ثم يتجاوزز السياق القرآني الحوار الذي دار بين امرأة العزيزويوسف عليه السلام، ولنا أن نتصور كيف حاولت إغراءه إما بلباسها أو كلماتها أوحركاتها. لكن ما يهمنا هنا هو موقف يوسف -عليه السلام- من هذا الإغواء.

    يقف هذا النبي الكريم في وجه سيدته قائلا (قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَمَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) أعيذ نفسي بالله أن أفعل هذا مع زوجة من أكرمني بأن نجاني من الجب وجعل فيهذه الدار مثواي الطيب الآمن. ولا يفلح الظالمون الذين يتجاوزون حدود الله،فيرتكبون ما تدعينني اللحظة إليه.

    ثم (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَرَبِّهِ) اتفق المفسرون حول همها بالمعصية، واختلفوا حول همه. فمنهم من أخذبالإسرائيليات وذكر أن يعقوب ظهر له، أو جبريل نزل إليه،لكن التلفيق والاختلاق ظاهر في هذه الزوايات الإسرائيلية. ومن قائل: إنها همت بهتقصد المعصية وهم بها يقصد المعصية ولم يفعل، ومن قائل: إنها همت به لتقبله وهم بهاليضربها، ومن قائل: إن هذا الهم كان بينهما قبل الحادث. كان حركة نفسية داخل نفسيوسف في السن التي اجتاز فيها فترة المراهقة. ثم صرف الله عنه. وأفضل تفسير تطمئنإليه نفسي أن هناك تقديما وتأخيرا في الآية.

    قال أبو حاتم: كنت أقرأ غريب القرآن على أبي عبيدة، فلما أتيت علىقوله تعالى: (وَلَقَدْهَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا). قال أبو عبيدة: هذا على التقديم والتأخير. بمعنى ولقد همت به.. ولولا أن رأى برهان ربه لهم بها. يستقيم هذا التفسير مع عصمة الأنبياء.. كما يستقيم مع روح الآيات التي تلحقه مباشرة (كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُالسُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) وهذه الآية التي تثبت أن يوسف من عباد اللهالمخلصين، تقطع في نفس الوقت بنجاته من سلطان الشيطان. قال تعالى لإبليس يوم الخلق (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَعَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ) وما دام يوسف من عباده المخلصين، فقد وضح الأمربالنسبة إليه. لا يعني هذا أن يوسف كان يخلو من مشاعر الرجولة، ولا يعني هذا أنهكان في نقاء الملائكة وعدم احتفالهم بالحس. إنما يعني أنه تعرض لإغراء طويل قاومهفلم تمل نفسه يوما، ثم أسكنها تقواها كونه مطلعا على برهان ربه، عارفا أنه يوسف بن يعقوب النبي، ابن إسحق النبي،ابن إبراهيم جد الأنبياء وخليل الرحمن.

    يبدو أن يوسف -عليه السلام- آثر الانصراف متجهاإلى الباب حتى لا يتطور الأمر أكثر. لكن امرأة العزيز لحقت به لتمسكه،تدفهعا الشهوة لذلك. فأمسكت قميصه من الخلف، فتمزق في يدها. وهناتقطع المفاجأة. فتح الباب زوجها -العزيز. وهنا تتبدى المرأة المكتملة، فتجدالجواب حاضرا على السؤال البديهي الذي يطرح الموقف. فتقول متهمة الفتى: قَالَتْ مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَبِأَهْلِكَ سُوَءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
    Anonymous
    ????
    زائر


    hgt رد: احسن وافضل القصص في الدنيا -- الجزء الثاني--

    مُساهمة من طرف ???? الجمعة ديسمبر 18, 2009 12:33 am

    واقترحت هذه المراة -العاشقة- سريعا العقاب -المأمون- الواجب تنفيذه على يوسف، خشية أن يفتك به العزيز من شدة غضبه. بيّنت للعزيز أن أفضل عقابله هو السجن. بعد هذا الاتهام الباطل والحكم السريع جهر يوسف بالحقيقة ليدافع عن نفسه: قَالَ هِيَرَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي


    تجاوز السياق القرآني رد الزوج، لكنه بين كيفية تبرأة يوسف -عليه السلام- من هذه التهمة الباطلة:


    وَشَهِدَشَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَمِنَ الكَاذِبِينَ(26)وَإِنْكَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ(27)فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّمِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ(28) (يوسف)


    لا نعلم إن كان الشاهد مرافقا للزوج منذ البداية، أم أن العزيزاستدعاه بعد الحادثة ليأخذ برأيه.. كما أشارت بعض الروايات أن هذا الشاهد رجل كبير،بينما أخبرت روايات أخرى أنه طفل رضيع. كل هذا جائز. وهو لا يغير من الأمر شيئا. مايذكره القرآن أن الشاهد أمرهم بالنظر للقميص، فإن كان ممزقا من الأمام فذلك من أثرمدافعتها له وهو يريد الاعتداء عليها فهي صادقة وهو كاذب. وإن كان قميصه ممزقا منالخلف فهو إذن من أثر تملصه منها وتعقبها هي له حتى الباب، فهي كاذبة وهو صادق.


    فَلَمَّارَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّعَظِيمٌ(28) (يوسف)


    فتأكد الزوج من خيانة زوجته عندما رأى قميص يوسف ممزق من الخلف. لكن الدم لم يثر في عروقه ولم يصرخ ولم يغضب. فرضت عليه قيم الطبقة الراقية التي وقعفيها الحادث أن يواجه الموقف بلباقة وتلطف.. نسب ما فعلته إلى كيد النساء عموما. وصرح بأن كيد النساء عموم عظيم. وهكذا سيق الأمر كما لو كان ثناء يساق. ولا نحسب أنه يسوء المرأة أن يقال لها: (إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ). فهو دلالة على أنها أنثى كاملة مستوفية لمقدرة الأنثى على الكيد. بعدها التفت الزوج إلى يوسف قائلا له: (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَـذَا) أهمل هذا الموضوع ولا تعره اهتماما ولاتتحدث به. هذا هو المهم.. المحافظة على الظواهر.. ثم يوجه عظة -مختصرة- للمرأة التي ضبطت متلبسة بمراودة فتاها عن نفسها وتمزيق قميصه: (وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ).


    انتهى الحادث الأول.. لكن الفتنة لم تنته.. فلم يفصل سيد البيت بين المرأة وفتاها.. كل ما طلبه هو إغلاق الحديث في هذا الموضوع. غير أن هذا الموضوع بالذات. وهذا الأمر يصعب تحقيقه في قصريمتلئ بالخدم والخادمات والمستشارين والوصيفات.


    المشهدالثاني:


    بدأ الموضوع ينتشر.. خرج من القصر إلى قصور الطبقة الراقيةيومها.. ووجدت فيه نساء هذه الطبقة مادة شهية للحديث. إن خلو حياة هذه الطبقات من المعنى، وانصرافها إلى اللهو، يخلعان أهمية قصوى على الفضائح التي ترتبط بشخصيا تشهيرة.. وزاد حديث المدينة (وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِامْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّاإِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ) وانتقل الخبر من فم إلى فم.. ومن بيت إلى بيت.. حتى وصل لامرأة العزيز.


    المشهدالثالث:


    فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّأَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍمِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُأَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَـذَا بَشَرًاإِنْ هَـذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ(31)قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْرَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُلَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ(32) (يوسف)


    عندما سمعت امرأة العزيز بما تتناقله نساءالطبقة العليا عنها،قررت أن تعد مأدبة كبيرة في القصر. وأعدت الوسائد حتى يتكئ عليها المدعوات. واختارت ألوان الطعام والشراب وأمرت أن توضع السكاكين الحادة إلى جوار الطعام المقدم. ووجهت الدعوة لكلمن تحدثت عنها. وبينما هن منشغلات بتقطيع اللحم أو تقشير الفاكهة، فاجأتهن بيوسف: وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا


    (فَلَمَّارَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ) بهتن لطلعته، ودهشن. (وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ) وجرحن أيديهن بالسكاكين للدهشةالمفاجئة. (وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ) وهي كلمة تنزيه تقالفي هذا الموضع تعبيرا عن الدهشة بصنع الله.. (مَا هَـذَابَشَرًا إِنْ هَـذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ) يتضح من هذه التعبيرات أن شيئامن ديانات التوحيد تسربت لأهل ذلك الزمان.


    ورأت المرأة أنها انتصرت على نساء طبقتها، وأنهن لقين من طلعةيوسف الدهش والإعجاب والذهول. فقالت قولة المرأة المنتصرة، التي لا تستحي أمامالنساء من بنات جنسها وطبقتها، والتي تفتخر عليهن بأن هذا متناول يدها؛ وإن كان قداستعصم في المرة الأولى فهي ستحاول المرة تلو الأخرى إلى أن يلين: انظرن ماذا لقيتنمنه من البهر والدهش والإعجاب! لقد بهرني مثلكن فراودته عن نفسه لكنه استعصم، وإن لم يطعني سآمر بسجنه لأذلّه.


    إنها لم ترى بأسا من الجهر بنزواتها الأنثوية أما نساء طبقتها. فقالتها بكل إصرار وتبجح، قالتها مبيّنة أن الإغراء الجديد تحت التهديد.


    واندفع النسوة كلهم إليهيراودنه عن نفسه.. كل منهن أرادته لنفسها.. ويدلنا على ذلك أمران.الدليل الأول هو قول يوسف عليه السلام (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) فلم يقل (ما تدعوني إليه).. والأمر الآخر هو سؤال الملك لهم فيمابعد (قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَننَّفْسِهِ).
    Anonymous
    ????
    زائر


    hgt رد: احسن وافضل القصص في الدنيا -- الجزء الثاني--

    مُساهمة من طرف ???? الجمعة ديسمبر 18, 2009 12:34 am

    أمام هذه الدعوات -سواء كانت بالقول أم بالحركات واللفتات- استنجد يوسف بربه ليصرف عنه محاولاتهن لإيقاعه فيحبائلهن، خيفة أن يضعف في لحظة أمام الإغراء الدائم، فيقع فيما يخشاه على نفسه. دعىيوسف الله دعاء الإنسان العارف ببشريته، الذي لا يغتر بعصمته؛ فيريد مزيدا من عنايةالله وحياطته، ويعاونه على ما يعترضه من فتة وكيد وإغراء. (قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّايَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّوَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ) واستجاب له الله.. وصرف عنه كيد النسوة.
    وهذا الصرف قد يكون بإدخال اليأس في نفوسهن من استجابته لهن، بعد هذه التجربة؛ أو بزيادة انصرافه عن الإغراءحتىمايحس في نفسه أثرا منه. أو بهما جميعا. وهكذا اجتازيوسف المحنة الثانية بلطف الله ورعايته، فهو الذي سمع الكيد ويسمع الدعاء، ويعلم ماوراء الكيد وما وراء الدعاء.

    ما انتهت المحنة الثانية إلا لتبدأ الثالثة.. لكن هذه الثالثة هيآخر محن الشدة.

    يسجن يوسف عليه السلام والفصل الثالث منحياته:

    ربما كان دخوله للسجن بسبب انتشار قصته مع امرأة العزيز ونساءطبقتها، فلم يجد أصحاب هذه البيوت طريقة لإسكات هذه الألسنة سوى سجن هذا الفتى الذيدلت كل الآيات على برائته، لتنسى القصة. قال تعالى في سورة (يوسف):

    ثُمَّ بَدَالَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ(35) (يوسف)

    وهكذا ترسمالآية الموجزة جو هذا العصر بأكمله.. جو الفساد الداخلي في القصور، جو الأوساطالأرستقراطية.. وجو الحكم المطلق.

    إن حلولالمشكلات في الحكم المطلق هي السجن.. وليس هذا بغريب على من يعبد آلهة متعددة. كانوا على عبادة غير الله.. ولقد رأينا من قبل كيف تضيع حريات الناس حين ينصرفون عنعبادة الله إلى عبادة غيره. وها نحن أولاء نرى في قصة يوسف شاهدا حيا يصيب حتى الأنبياء. صدر قرارا باعتقاله وأدخل السجن. بلا قضية ولا محاكمة، ببساطة ويسر.. لايصعب في مجتمع تحكمه آلهة متعددة أن يسجن بريء. بل لعل الصعوبة تكمن في محاولة شيءغير ذلك.

    دخل يوسفالسجن ثابت القلب هادئ الأعصاب أقرب إلى الفرح لأنه نجا من إلحاح زوجة العزيزورفيقاتها، وثرثرة وتطفلات الخدم. كان السجن بالنسبة إليه مكانا هادئا يخلو فيهويفكر في ربه.

    ويبين لنا القرآن الكريم المشهد الأول منهذا الفصل:

    يختصر السياقالقرآنيما كان من أمر يوسف في السجن.. لكنالواضح أن يوسف -عليه السلام- انتهزفرصة وجوده في السجن، ليقوم بالدعوة إلى الله. مماجعل السجناء يتوسمون فيه الطيبة والصلاح وإحسان العبادة والذكر والسلوك.

    انتهز يوسف -عليه السلام- هذه الفرصة ليحدث الناس عن رحمة الخالق وعظمته وحبه لمخلوقاته، كانيسأل الناس: أيهما أفضل.. أن ينهزم العقل ويعبد أربابا متفرقين.. أم ينتصر العقلويعبد رب الكون العظيم؟ وكان يقيم عليهم الحجة بتساؤلاته الهادئة وحواره الذكيوصفاء ذهنه، ونقاء دعوته.

    وفي أحد الأيام، قَدِمَ له سجينان يسألانه تفسير أحلامهما، بعد أن توسمافي وجهه الخير. إن أول ما قام به يوسف -عليه السلام- هو طمأنتهما أنه سيؤوللهم الرؤى، لأن ربه علمه علما خاصا، جزاء على تجرده هو وآباؤه من قبله لعبادته وحده، وتخلصه من عبادة الشركاء.. وبذلك يكسب ثقتهما منذ اللحظة الأولى بقدرته علىتأويل رؤياهما، كما يكسب ثقتهما كذلك لدينه. ثم بدأ بدعوتهما إلى التوحيد، وتبيانما هم عليه من الظلال. قام بكل هذا برفق ولطف ليدخل إلى النفوس بلامقاومة.

    بعد ذلك فسرلهما الرؤى. بيّن لهما أن أحدها سيصلب، والآخر سينجو، وسيعمل فيقصر الملك. لكنه لم يحدد من هو صاحب البشرى ومن هو صاحب المصير السيئ تلطفاوتحرجا من المواجهة بالشر والسوء وتروي بعض التفاسير أن هؤلاءالرجلين كانا يعملان في القصر، أحدهما طباخا، والآخر يسقي الناس، وقد اتهما بمحاولةتسميم الملك.

    أوصى يوسفمن سينجو منهما أن يذكر حاله عن الملك. لكن الرجل لم ينفذ الوصية. فربما ألهته حياةالقصر المزدحمة يوسف وأمره. فلبث في السجن بضع سنين. أراد الله بهذا أن يعلم يوسف -عليه السلام- درسا.

    فقد ورد فيإحدى الرويات أنه جاءه جبريل قال: يا يوسف من نجّاك من إخوتك؟ قال: الله. قال: منأنقذك من الجب؟ قال: الله. قال: من حررك بعد أن صرت عبدا؟ قال: الله. قال: من عصمكمن النساء؟ قال: الله. قال: فعلام تطلب النجاة من غيره؟

    وقد يكونهذا الأمر زيادة في كرم الله عليه واصطفاءه له، فلم يجعل قضاء حاجته على يد عبد ولاسبب يرتبط بعبد.
    Anonymous
    ????
    زائر


    hgt رد: احسن وافضل القصص في الدنيا -- الجزء الثاني--

    مُساهمة من طرف ???? الجمعة ديسمبر 18, 2009 1:09 am

    المشهدالثاني:

    في هذا المشهد تبدأ نقطة التحول.. التحول من محن الشدة إلى محن الرخاء.. من محنة العبودية والرق لمحنة السلطة والملك.

    في قصر الحكم.. وفي مجلس الملك: يحكي الملك لحاشيته رؤياه طالبامنهم تفسيرا لها. (وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَىسَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍوَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْلِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ) لكن المستشارينوالكهنة لم يقوموا بالتفسير. ربما لأنهم لم يعرفوا تفسيرها، أو أنهم أحسوا أنهارؤيا سوء فخشوا أن يفسروها للملك، وأرادوا أن يأتي التفسير من خارج الحاشية -التيتعودت على قول كل ما يسر الملك فقط. وعللوا عدم التفسير بأن قالوا للملك أنها أجزاءمن أحلام مختلطة ببعضها البعض، ليست رؤيا كاملة يمكن تأويلها.

    المشهدالثالث:

    وصل الخبر إلى الساقي -الذي نجا من السجن.. تداعت أفكاره وذكرهحلم الملك بحلمه الذي رآه في السجن، وذكره السجن بتأويل يوسف لحلمه. وأسرع إلىالملك وحدثه عن يوسف. قال له: إن يوسف هو الوحيد الذي يستطيع تفسير رؤياك.

    وأرسل الملك ساقيه إلى السجن ليسأل يوسف. ويبين لنا الحق سبحانهكيف نقل الساقي رؤيا الملك ليوسف بتعبيرات الملك نفسها، لأنه هنا بصدد تفسير حلم،وهو يريد أن يكون التفسير مطابقا تماما لما رءاه الملك. وكان الساقي يسمي يوسفبالصديق، أي الصادق الكثير الصدق.. وهذا ما جربه من شأنه من قبل.

    جاء الوقت واحتاج الملك إلى رأي يوسف.. (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَالنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ). سُئِلَيوسف عن تفسير حلم الملك.. فلم يشترط خروجه من السجن مقابل تفسيره. لم يساوم ولم يتردد ولم يقل شيئا غير تفسيرالرؤيا.. هكذا ببراءة النبي حين يلجأ إليه الناس فيغيثهم.. وإن كان هؤلاء أنفسهم سجانيه وجلاديه.

    لم يقم يسوف -عليه السلام- بالتفسير المباشرالمجرد للرؤيا. وإنما قدم مع التفسير النصح وطريقة مواجهة المصاعب التي ستمر بهامصر. أفهم يوسف رسول الملك أن مصر ستمر عليها سبع سنوات مخصبة تجود فيها الأرض بالغلات. وعلى المصريين ألا يسرفوا في هذه السنوات السبع. لأن وراءها سبعسنوات مجدبة ستأكل ما يخزنه المصريون، وأفضل خزن للغلال أن تترك في سنابلها كي لاتفسد أو يصيبها السوس أو يؤثر عليها الجو.

    بهذا انتهى حلم الملك.. وزاد يوسف تأويله لحلم الملك بالحديث عنعام لم يحلم به الملك، عام من الرخاء. عام يغاث فيه الناس بالزرع والماء، وتنموكرومهم فيعصرون خمرا، وينمو سمسمهم وزيتونهم فيعصرون زيتا. كان هذا العام الذي لايقابله رمز في حلم الملك. علما خاصا أوتيه يوسف. فبشر به الساقي ليبشر به الملك والناس.

    المشهد الرابع:

    عاد الساقي إلى الملك. أخبره بما قال يوسف، دهش الملك دهشة شديدة. ما هذا السجين..؟ إنه يتنبأ لهم بما سيقع، ويوجههم لعلاجه.. دون أن ينتظر أجرا أوجزاء. أو يشترط خروجا أو مكافأة.فأصدرالملك أمره بإخراج يوسف من السجن وإحضاره فورا إليه. ذهب رسول الملك إلى السجن. ولا نعرف إن كان هوالساقي الذي جاءه أول مرة. أم أنه شخصية رفيعة مكلفة بهذه الشؤون. ذهب إليه فيسجنه. رجا منه أن يخرج للقاء الملك.. فهو يطلبه على عجل. رفض يوسف أن يخرج من السجن إلا إذا ثبتت براءته. لقد رباه ربه وأدبه. ولقد سكبت هذه التربية وهذا الأدب فيقلبه السكينة والثقة والطمأنينة. ويظهر أثر التربية واضحا في الفارق بين الموقفين: الموقف الذي يقول يوسف فيه للفتى: اذكرني عند ربك، والموقف الذي يقول فيه: ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة الاتي قطعن أيدهن، الفارق بين الموقفين كبير.

    المشهد الخامس:

    تجاوز السياق القرآني عما حدث بين الملك ورسوله، وردة فعل الملك. ليقف بنا أمام المحاكة. وسؤال الملك لنساء الطبقة العلياعما فعلنه مع يوسف. يبدوا أنالملك سأل عن القصة ليكون على بينة منالظروف قبل أن يبدأالتحقيق، لذلك جاء سؤاله دقيقا للنساء. فاعترف النساء بالحقيقة التي يصعب إنكارها (قُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنسُوءٍ).
    Anonymous
    ????
    زائر


    hgt رد: احسن وافضل القصص في الدنيا -- الجزء الثاني--

    مُساهمة من طرف ???? الجمعة ديسمبر 18, 2009 1:24 am

    وهنا تتقدم المرأة المحبة ليوسف، التي يئست منه، ولكنها لا تستطيعأن تخلص من تعلقها به.. تتقدم لتقول كل شيء بصراحة. يصورالسياق القرآني لنا اعتراف امرأة العزيز، بألفاظ موحية، تشي بما وراءها من انفعالاتومشاعر عميقة (أَنَاْرَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ) شهادة كاملة بإثمها هي، وبراءته ونظافته وصدقه هو. شهادة لا يدفعإليها خوف أو خشية أو أي اعتبار آخر.. يشي السياق القرآني بحافز أعمق من هذا كله. حرصها على أن يحترمها الرجل الذي أهان كبرياءها الأنثوية، ولم يعبأ بفتنتهاالجسدية. ومحاولة يائسة لتصحيح صورتها في ذهنه. لا تريده أن يستمر على تعاليهواحتقاره لها كخاطئة. تريد أن تصحح فكرته عنها: (ذَلِكَلِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ). لست بهذا السوء الذي يتصورهفيني. ثم تمضي في هذه المحاولة والعودة إلى الفضيلة التي يحبها يوسف ويقدرها (وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ). وتمضيخطوة أخرى في هذه المشاعر الطيبة (وَمَا أُبَرِّىءُ نَفْسِي إِنَّالنَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌرَّحِيمٌ).


    إن تأمل الآيات يوحي بأن امرأة العزيز قد تحولت إلى دين يوسف. تحولت إلى التوحيد. إن سجن يوسف كان نقلة هائلة في حياتها. آمنت بربه واعتنقتديانته.


    ويصدر الأمر الملكي بالإفراجعنه وإحضاره.


    يهمل السياق القرآني بعد ذلك قصة امرأة العزيز تماما، يسقطها منالمشاهد، فلا نعرف ماذا كان من أمرها بعد شهادتها الجريئة التي أعلنت فيها ضمنا إيمانها بدين يوسف.


    وقد لعبت الأساطيردورها في قصة المرأة.. قيل: إن زوجها مات وتزوجت من يوسف، فاكتشف أنها عذراء،واعترفت له أن زوجها كان شيخا لا يقرب النساء.. وقيل: إن بصرها ضاع بسبب استمرارهافي البكاء على يوسف، خرجت من قصرها وتاهت في طرقات المدينة، فلما صار يوسف كبيراللوزراء، ومضى موكبه يوما هتفت به امرأة ضريرة تتكفف الناس: سبحان من جعل الملوكعبيدا بالمعصية، وجعل العبيد ملوكا بالطاعة.


    سأل يوسف: صوت منهذا؟ قيل له: امرأة العزيز. انحدر حالها بعد عز. واستدعاها يوسف وسألها: هل تجدينفي نفسك من حبك لي شيئا؟


    قالت: نظرة إلىوجهك أحب إلي من الدنيا يا يوسف.. ناولني نهاية سوطك. فناولها. فوضعته على صدرها،فوجد السوط يهتز في يده اضطرابا وارتعاشا من خفقان قلبها.


    وقيلت أساطير أخرى، يبدو فيها أثر المخيلة الشعبية وهي تنسج قمةالدراما بانهيار العاشقة إلى الحضيض.. غير أن السياق القرآني تجاوز تماما نهايةالمرأة.


    أغفلها من سياق القصة، بعد أن شهدت ليوسف.. وهذا يخدم الغرضالديني في القصة، فالقصة أساسا قصة يوسف وليست قصة المرأة.. وهذا أيضا يخدم الغرضالفني.. لقد ظهرت المرأة ثم اختفت في الوقت المناسب.. اختفت في قمة مأساتها.. وشاباختفاءها غموض فني معجز.. ولربما بقيت في الذاكرة باختفائها هذا زمنا أطول مما كانتتقضيه لو عرفنا بقية قصتها.


    ويبدأفصل جديد من فصول حياة يوسف عليه السلام:


    بعد ما رأى الملك من أمر يوسف. براءته، وعلمه، وعدم تهافته علىالملك. عرف أنه أمام رجل كريم، فلم يطلبه ليشكره أو يثني عليه، وإنما طلبه ليكونمستشاره. وعندما جلس معه وكلمه، تحقق له صدق ما توسمه فيه. فطمئنه على أنه ذو مكانهوفي أمان عنده. فماذا قال يوسف؟


    لم يغرق الملك شكرا، ولم يقل له: عشت يا مولاي وأنا عبدك الخاضعأو خادمك الأمين، كما يفعل المتملقون للطواغيت؛ كلا إنما طالب بما يعتقد أنه قادرعلى أن ينهض به من الأعباء في الازمة القادمة.


    كما وأورد القرطبي في تفسيره. أن الملك قال فيما قاله: لو جمعتأهل مصر ما أطاقوا هذا الأمر.. ولم يكونوا فيه أمناء.


    كان الملك يقصد الطبقة الحاكمة وما حولها من طبقات.. إن العثورعلى الأمانة في الطبقة المترفة شديد الصعوبة.


    اعتراف الملك ليوسف بهذه الحقيقة زاد من عزمه على تولي هذا الامر،لأنقاذ مصر وما حولها من البلاد من هذه المجاعة.. قال يوسف: (اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ). لم يكن يوسف في كلمته يقصد النفع أو الاستفادة. على العكس من ذلك. كان يحتمل أمانة إطعام شعوب جائعة لمدة سبع سنوات.. شعوب يمكن أن تمزق حكامها لوجاعت.. كان الموضوع في حقيقته تضحية من يوسف.


    لا يثبت السياق القرآني أن الملك وافق.. فكأنما يقول القرآنالكريم إن الطلب تضمن الموافقة.. زيادة في تكريم يوسف، وإظهار مكانته عند الملك.. يكفي أن يقول ليجاب.. بل ليكون قوله هو الجواب، ومن ثم يحذف رد الملك.. ويفهمناشريط الصور المعروضة أن يوسف قد صار في المكان الذي اقترحه.


    وهكذا مكن الله ليوسف في الأرض.. صار مسؤولا عن خزائن مصرواقتصادها.. صار كبيرا للوزراء.. وجاء في رواية أن الملك قالليوسف: يا يوسف ليس لي من الحكم إلا الكرسي.. ولا ينبئنا السياق القرآني كيف تصرف يوسف في مصر.. نعرف أنه حكيم عليم.. نعرف أنه أمين وصادق.. لا خوف إذا على اقتصاد مصر
    Anonymous
    ????
    زائر


    hgt رد: احسن وافضل القصص في الدنيا -- الجزء الثاني--

    مُساهمة من طرف ???? الجمعة ديسمبر 18, 2009 1:26 am

    المشهدالثاني من هذا الفصل:

    دارت عجلة الزمن.. طوى السياق دورتها، ومر مرورا سريعا على سنواتالرخاء، وجاءت سنوات المجاعة.. وهنا يغفل السياق القرآنيبعد ذلكذكر الملك والوزراءفي السورة كلها.. كأن الأمركله قد صار ليوسف.الذي اضطلع بالعبء في الأزمة الخانقةالرهيبة. وأبرز يوسف وحده على مسرح الحوادث, وسلط عليه كل الأضواء.

    أما فعل الجدبوالمجاعةفقد أبرزه السياق في مشهد إخوة يوسف, يجيئون من البدو من أرض كنعانالبعيدة يبحثون عن الطعام في مصر. ومن ذلك ندرك اتساع دائرة المجاعة, كما كيف صارتمصر- بتدبير يوسف -محط أنظار جيرانها ومخزن الطعام في المنطقةكلها.

    لقد اجتاح الجدب والمجاعة أرض كنعان وما حولها. فاتجه إخوة يوسف - فيمن يتجهون - إلى مصر. وقد تسامع الناس بما فيها من فائض الغلة منذ السنواتالسمان. فدخلواعلىعزيز مصر, وهملا يعلمونأن أخاهم هو العزيز. إنه يعرفهم فهم لم يتغيرواكثيرا. أما يوسف فإن خيالهم لا يتصور قط أنهالعزيز! وأينالغلام العبراني الصغير الذي ألقوه في الجب منذ عشرين عاما أو تزيد من عزيز مصر شبهالمتوج في سنه وزيه وحرسه ومهابته وخدمه وحشمه وهيله وهيلمانه?

    ولم يكشف لهم يوسف عن نفسه. فلا بد من دروس يتلقونها: (فَدَخَلُواْ عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْوَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ). ولكنا ندرك من السياق أنه أنزلهم منزلا طيبا, ثمأخذ في إعداد الدرس الأول: (وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَّكُم مِّنْأَبِيكُمْ). فنفهم من هذا أنه تركهم يأنسون إليه, واستدرجهم حتى ذكروا له منهم على وجه التفصيل, وأن لهم أخا صغيرا من أبيهم لم يحضر معهم لأن أباه يحبه ولايطيق فراقه. فلما جهزهم بحاجات الرحلة قال لهم: إنه يريد أن يرى أخاهم هذا. (قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَّكُممِّنْ أَبِيكُمْ). وقد رأيتم أنني أوفي الكيل للمشترين. فسأوفيكم نصيبكم حينيجيء معكم; ورأيتم أنني أكرم النزلاء فلا خوف عليه بل سيلقى مني الإكرام المعهود: (أَلاَ تَرَوْنَ أَنِّيأُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَاْ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ).

    ولما كانوا يعلمون كيف يضن أبوهم بأخيهم الأصغر - وبخاصة بعد ذهابيوسف - فقد أظهروا أن الأمر ليس ميسورا, وإنما في طريقه عقبات من ممانعة أبيهم, وأنهم سيحاولون إقناعه, مع توكيد عزمهم - على الرغم من هذه العقبات - على إحضارهمعهم حين يعودون: (قَالُواْ سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ). ولفظ(نراود)يصور الجهد الذي يعلمون أنهم باذلوه.

    أما يوسف فقد أمر غلمانه أن يدسوا البضاعة التي حضر بها إخوتهليستبدلوا بها القمح والعلف. وقد تكون خليطا من نقد ومن غلات صحراوية أخرى من غلاتالشجر الصحراوي, ومن الجلود وسواها مما كان يستخدم في التبادل في الأسواق. أمرغلمانه بدسها في رحالهم - والرحل متاع المسافر - لعلهم يعرفون حين يرجعون أنهابضاعتهم التي جاءوا بها.

    المشهدالثالث:

    ندع يوسف في مصر . لنشهد يعقوب وبنيه في أرض كنعان. رجع الأخوة إلى أبيهم.. وقبل أن ينزلوا أحمال الجمال ويفكوا متاعهم، دخلوا على أبيهم. قائلين له بعتاب: إنلم ترسل معنا أخانا الصغير في المرة القادمة فلن يعطينا عزيز مصر الطعام. وختمواكلامهم بوعد جديد ليعقوب عليه السلام (وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ).

    ويبدوا أن هذا الوعد قد أثار كوامن يعقوب. فهو ذاته وعدهم له في يوسف! فإذا هو يجهز بما أثارهالوعد من شجونه:

    قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِن قَبْلُ فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ(64)(يوسف)

    وفتح الأبناء أوعيتهم ليخرجوا ما فيها من غلال.. فإذا هم يجدونفيها بضاعتهم التي ذهبوا يشترون بها.. مردودة إليهم مع الغلال والطعام.. ورد الثمنيشير إلى عدم الرغبة في البيع، أو هو إنذار بذلك.. وربما كان إحراجا لهم ليعودوالسداد الثمن مرة أخرى.

    وأسرع الأبناء إلى أبيهم (قَالُواْ يَاأَبَانَا مَا نَبْغِي) ..لم نكذب عليك.. لقد رد إلينا الثمن الذي ذهبنانشتري به. هذا معناه أنهم لن يبيعوا لنا إلا إذا ذهب أخونا معنا.

    واستمر حوارهم مع الأب.. أفهموه أن حبه لابنه والتصاقه به يفسدانمصالحهم، ويؤثران على اقتصادهم، وهم يريدون أن يتزودوا أكثر، وسوف يحفظون أخاهم أشدالحفظ وأعظمه.. وانتهى الحوار باستسلام الأب لهم.. بشرط أن يعاهدوه على العودةبابنه، إلا إذا خرج الأمر من أيديهم وأحيط بهم.. نصحهم الأب ألا يدخلوا -وهم أحدعشر رجلا- من باب واحد من أبواب بمصر.. كي لا يستلفتوا انتباه أحد.. وربما خشيعليهم أبوهم شيئا كالسرقة أو الحسد.. لا يقول لنا السياق القرآني ماذا كان الأبيخشى، ولو كان الكشف عن السبب مهما لقيل.

    المشهدالرابع:

    عاد إخوة يوسف الأحد عشر هذه المرة.

    وَلَمَّادَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَاْ أَخُوكَ فَلاَتَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ(69)(يوسف)

    يقفز السياق قفزا إلى مشهد يوسف وهو يحتضن أخاه ويكشف له وحده سرقرابته، ولا ريب أن هذا لم يحدث فور دخول الإخوة على يوسف، وإلا لانكشفت لهم قرابةيوسف، إنما وقع هذا في خفاء وتلطف، فلم يشعر إخوته، غير أن السياق المعجز يقفز إلىأول خاطر ساور يوسف عند دخولهم عليه ورؤيته لأخيه.. وهكذا يجعله القرآن أول عمل،لأنه أول خاطر، وهذه من دقائق التعبير في هذا الكتاب العظيم.

    يطوي السياق كذلك فترة الضيافة، وما دار فيها بين يوسف وإخوته،ويعرض مشهد الرحيل الأخير.. ها هو ذا يوسف يدبر شيئا لإخوته.. يريد أن يحتفظ بأخيهالصغير معه.

    يعلم أن احتفاظه بأخيه سيثير أحزان أبيه، وربما حركت الأحزانالجديدة أحزانه القديمة، وربما ذكره هذا الحادث بفقد يوسف.. يعلم يوسف هذا كله.. وها هو ذا يرى أخاه.. وليس هناك دافع قاهر لاحتفاظه به، لماذا يفعل ما فعل ويحتفظبأخيه هكذا!؟

    يكشف السياق عن السر في ذلك.. إن يوسف يتصرف بوحي من الله.. يريدالله تعالى أن يصل بابتلائه ليعقوب إلى الذروة.. حتى إذاجاوز به منطقة الألم البشري المحتمل وغير المحتمل، ورآه صابرا رد عليه ابنيه معا،ورد إليه بصره.
    Anonymous
    ????
    زائر


    hgt رد: احسن وافضل القصص في الدنيا -- الجزء الثاني--

    مُساهمة من طرف ???? الجمعة ديسمبر 18, 2009 1:30 am

    أمر يوسف -عليه السلام- رجاله أن يخفوا كأس الملك الذهبية في متاعأخيه خلسة.. وكانت الكأس تستخدم كمكيال للغلال.. وكانت لها قيمتها كمعيار في الوزنإلى جوار قيمتها كذهب خالص. أخفى الكأس في متاع أخيه.. وتهيأ إخوة يوسف للرحيل،ومعهم أخوهم.. ثم أغلقت أبواب العاصمة.. (ثُمَّ أَذَّنَمُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ)..!!

    كانت صرخة الجند تعني وقوف القوافل جميعا.. وانطلق الاتهام فوقرؤوس الجميع كقضاء خفي غامض.. أقبل الناس، وأقبل معهم إخوة يوسف..(مَّاذَا تَفْقِدُونَ)؟

    هكذا تسائل إخوة يوسف.. قال الجنود: (نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ).. ضاعت كأسه الذهبية.. ولمن يجيءبها مكافأة.. سنعطيه حمل بعير من الغلال.

    قال إخوة يوسف ببراءة: لم نأت لنفسد في الأرض ونسرق! قال الحراس (وكان يوسف قد وجههم لما يقولونه): أي جزاء تحبون توقيعه على السارق؟

    قال إخوة يوسف: في شريعتنا نعتبر من سرق عبدا لمن سرقه.

    قال الحارس: سنطبق عليكم قانونكم الخاص.. لن نطبق عليكم القانونالمصري الذي يقضي بسجن السارق.

    كانت هذه الإجابة كيدا وتدبيرا من الله تعالى، ألهم يوسف أن يحدثبها ضباطه.. ولولا هذا التدبير الإلهي لامتنع على يوسف أن يأخذ أخاه.. فقد كان دينالملك أو قانونه لا يقضي باسترقاق من سرق. وبدأ التفتيش.

    كان هذا الحوار على منظر ومسمع من يوسف، فأمر جنوده بالبدء بتفتيشرحال أخوته أولا قبل تفتيش رحل أخيه الصغير. كي لا يثير شبهة في نتيجة التفتيش.

    اطمأن إخوة يوسف إلى براءتهم من السرقة وتنفسوا الصعداء، فلم يبقىإلا أخوهم الصغير. وتم استخراج الكأس من رحله. فأمر يوسف بأخذ أخيه عبدا، قانونهمالذي طبقه القضاء على الحادث.

    أعقب ذلك مشهد عنيف المشاعر.. إن إحساس الإخوة براحة الإنقاذوالنجاة من التهمة، جعلهم يستديرون باللوم على شقيق يوسف (قَالُواْ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ) إنهم يتنصلون من تهمة السرقة.. ويلقونها على هذا الفرع من أبناءيعقوب.

    سمع يوسف بأذنيه اتهامهم له، وأحس بحزن عميق.. كتم يوسف أحزانه فينفسه ولم يظهر مشاعره.. قال بينه وبين نفسه(أَنتُمْ شَرٌّمَّكَانًا وَاللّهُ أَعْلَمْ بِمَا تَصِفُونَ). لم يكن هذا سبابا لهم، بقدرما كان تقريرا حكيما لقاعدة من قواعد الأمانة. أراد أن يقول بينه وبين نفسه: إنكمبهذا القذف شر مكانا عند الله من المقذوف، لأنكم تقذفون بريئين بتهمة السرقة.. والله أعلم بحقيقة ما تقولون.

    سقط الصمت بعد تعليق الإخوة الأخير.. ثم انمحى إحساسهم بالنجاة،وتذكروايعقوب.. لقد أخذ عليهم عهدا غليظا، ألا يفرطوا فيابنه. وبدءوا استرحام يوسف: يوسف أيها العزيز.. يوسف أيها الملك.. إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُإِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ

    قال يوسف بهدوء: كيف تريدون أن نترك من وجدنا كأس الملك عنده.. ونأخذ بدلا منه أنسانا آخر..؟ هذا ظلم.. ونحن لا نظلم.

    كانت هي الكلمة الأخيرة في الموقف. وعرفوا أن لا جدوى بعدها منالرجاء، فانسحبوا يفكرون في موقفهم المحرج أمام أبيهم حين يرجعون.

    المشهدالخامس:

    عقدوا مجلسا يتشاورون فيه. لكن السياق القرآني لا يذكر أقوالهمجميعا. إنما يثبت آخرها الذي يكشف عما انتهوا إليه. ذكر القرآن قول كبيرهم إذذكّرهم بالموثق المأخوذ عليهم، كما ذكرهم بتفريطهم في يوسف من قبل. ثم يبين قرارهالجازم: ألا يبرح مصر، وألا يواجه أباه، إلا أن يأذن أبوه، أو يقضي الله له بحكم،فيخض له وينصاع. وطلب منهم أن يرجعوا إلى أبيهم فيخبروه صراحة بأن ابنه سرق،فَاُخِذَ بما سرق. ذلك ما علموه شهدوا به. أما إن كان بريئا، وكا هناك أمر وراء هذاالظاهر لا يعلمونه، فهم غير موكلين بالغيب. وإن كان في شك من قولهم فليسأل أهلالقرية التي كانوا فيها -أي أهل مصر- وليسأل القافلة التي كانوا فيها، فهم لميكونوا وحدهم، فالقوافل الكثيرة كانت ترد مصر لتأخذ الطعام.

    المشهد السادس:

    بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْأَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ

    (بَلْسَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) كلمته ذاتها يومفقد يوسف.. لكنه في هذه المرة يضيف إليها الأمل أن يرد الله عليه يوسف وأخاه فيردابنه الآخر المتخلف هناك.

    (يعقوب -عليه السلام- يبكي أمام أحد.. كان بكاؤه شكوى إلىالله لا يعلمها إلا الله.

    ثم لاحظ أبناؤه أنه لم يعد يبصر ورجحوا أنه يبكي على يوسف،وهاجموه في مشاعره الإنسانية كأب.. حذروه بأنه سيهلك نفسه:

    قَالُواْتَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَالْهَالِكِينَ(85)قَالَإِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَتَعْلَمُونَ(يوسف)

    ردهم جواب يعقوب إلى حقيقة بكائه.. إنه يشكو همه إلى الله.. ويعلم من الله ما لا يعلمون.. فليتركوه في بكائه وليصرفوا همهم لشيء أجدى عليهم (إنه يكشف لهم في عمق أحزانه عن أمله في روح الله.. إنه يشعر بأن يوسف لم يمت كما أنبئوه.. لم يزل حيا، فليذهب الإخوة بحثا عنه.. وليكن دليلهم في البحث، هذا الأمل العميق في الله.
    Anonymous
    ????
    زائر


    hgt رد: احسن وافضل القصص في الدنيا -- الجزء الثاني--

    مُساهمة من طرف ???? الجمعة ديسمبر 18, 2009 1:34 am

    المشهدالسابع:

    تحركت القافلة في طريقها إلى مصر.. إخوة يوسف في طريقهم إلى العزيز.. تدهور حالهم الاقتصادي وحالهم النفسي.. إن فقرهم وحزن أبيهم ومحاصرة المتاعب لهم، قد هدت قواهم تماما.. ها هم أولاء يدخلون على يوسف.. معهم بضاعة رديئة.. جاءوا بثمن لا يتيح لهم شراء شيء ذي بال.. وعندما دخلوا على يوسف - عليه السلام- رجوه أن يتصدق عليهم (انتهى الأمر بهم إلى التسول.. إنهم يسألونه أن يتصدق عليهم.. ويستميلون قلبه، بتذكيره أن الله يجزي المتصدقين.

    عندئذ.. وسط هوانهم وانحدار حالهم.. حدثهم يوسف بلغتهم، بغير واسطة ولا مترجم:

    قَالَ هَلْعَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ(89)قَالُواْ أَإِنَّكَ لَأَنتَيُوسُفُ قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ وَهَـذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُمَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ(90)قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ آثَرَكَاللّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ(يوسف)

    يكاد الحوار يتحرك بأدق تعبير عن مشاعرهم الداخلية.. فاجأهم عزيز مصر بسؤالهم عما فعلوه بيوسف.. كان يتحدث بلغتهم فأدركوا أنه يوسف.. وراح الحوار يمضي فيكشف لهم خطيئتهم معه.. لقد كادوا له وَاللّهُ غَالِبٌعَلَى أَمْرِهِ

    مرت السنوات، وذهب كيدهم له.. ونفذ تدبير الله المحكم الذي يقع بأعجب الأسباب.. كان إلقاؤه في البئر هو بداية صعوده إلى السلطة والحكم.. وكان إبعادهم له عن أبيه سببا في زيادة حب يعقوب له. وها هو ذا يملك رقابهم وحياتهم، وهم يقفون في موقف استجداء عطفه.. إنهم يختمون حوارهم معه بقولهم (إن روح الكلمات واعترافهم بالخطأ يشيان بخوف مبهم غامض يجتاح نفوسهم.. ولعلهم فكروا في انتقامه منهم وارتعدت فرائصهم.. ولعل يوسف أحس ذلك منهم فطمأنهم بقوله (لا مؤاخذة، ولا لوم، انتهى الأمر من نفسي وذابت جذوره.. لم يقل لهم إنني أسامحكم أو أغفر لكم، إنما دعا الله أن يغفر لهم، وهذا يتضمن أنه عفا عنهم وتجاوز عفوه، ومضى بعد ذلك خطوات.. دعا الله أن يغفر لهم.. وهو نبي ودعوته مستجابة.. وذلك تسامح نراه آية الآيات في التسامح.

    ها هو ذا يوسف ينهي حواره معهم بنقلة مفاجئة لأبيه.. يعلم أن أباه قد ابيضت عيناه من الحزن عليه.. يعلم أنه لم يعد يبصر.. لم يدر الحوار حول أبيه لكنه يعلم.. يحس قلبه.. خلع يوسف قميصه وأعطاه لهم (وعادت القافلة إلى فلسطين.

    المشهد الثامن:

    ما أنت خرجت القافلة من مصر، حتى قال يعقوب -عليه السلام- لمن حوله في فلسطين: إني أشم رائحة يوسف، لولا أنكم تقولون في أنفسكم أنني شيخ خرِف لصدقتم ما أقول. فرد عليه من حوله ().

    لكن المفاجأة البعيدة تقع. وصلت القافلة، وألقى البشير قميض يوسف على وجه يعقوب -عليهما السلام- فارتدّ بصره. هنا يذكر يعقوب حقيقة ما يعلمه من ربه (

    فاععترف الأخوة بخطئهم، وطلبوا من أباهم الاستغفار لهم، فهو نبي ودعاءه مستجاب. إلا أن يعقوب عليه السلام (ونلمح هنا أن في قلب يعقوب شيئا من بنيه، وأنه لم يصف لهم بعد، وإن كان يعدهم باستغفار الله لهم بعد أن يصفو ويسكن ويستريح.

    ها هوالمشهد الأخير في قصة يوسف:

    بدأت قصته برؤيا.. وها هو ذا الختام، تأويل رؤياه:

    فَلَمَّادَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِنشَاء اللّهُ آمِنِينَ(99)وَرَفَعَأَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَـذَاتَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بَيإِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاء بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَننَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَايَشَاء إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ(يوسف)

    تأمل الآن مشاعره ورؤياه تتحقق.. إنه يدعو ربه (هي دعوة واحدة.. تَوَفَّنِي مُسْلِمًا
    Anonymous
    ????
    زائر


    hgt رد: احسن وافضل القصص في الدنيا -- الجزء الثاني--

    مُساهمة من طرف ???? الجمعة ديسمبر 18, 2009 1:45 am

    أيوب عليه السلام

    نبذة:

    من سلالة سيدنا إبراهيمكان من النبيين الموحى إليهم، كان أيوب ذا مال وأولاد كثيرين ولكن الله ابتلاه فيهذا كله فزال عنه، وابتلي في جسده بأنواع البلاء واستمر مرضه13 أو18 عاما اعتزله فيها الناس إلا امرأته صبرت وعملت لكي توفر قوت يومهماحتى عافاه الله من مرضه وأخلفه في كل ما ابتلي فيه، ولذلك يضرب المثل بأيوب في صبرهوفي بلائه، روي أن الله يحتج يوم القيامة بأيوب عليه السلام على أهلالبلاء.

    سيرته:

    ضربت الأمثال في صبر هذا النبي العظيم. فكلما ابتلي إنسانا ابتلاءعظيما أوصوه بأن يصبر كصبر أيوب عليه السلام.. وقد أثنى الله تبارك وتعالى على عبدهأيوب في محكم كتابه (إِنَّاوَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) والأوبة هيالعودة إلى الله تعالى.. وقد كان أيوب دائم العودة إلى الله بالذكر والشكر والصبر. وكان صبره سبب نجاته وسر ثناء الله عليه. والقرآن يسكت عن نوع مرضه فلا يحدده.. وقدنسجت الأساطير عديدا من الحكايات حول مرضه..

    مرض أيوب

    كثرت الروايات والأساطير التي نسجت حول مرض أيوب، ودخلتالإسرائيليات في كثير من هذه الروايات. ونذكر هنا أشهرها:

    أن أيوب عليه السلام كان ذا مال وولد كثير، ففقد ماله وولده،وابتلي في جسده، فلبث في بلائه ثلاث عشرة سنة, فرفضه القريب والبعيد إلا زوجتهورجلين من إخوانه. وكانت زوجته تخدم الناس بالأجر، لتحضر لأيوب الطعام. ثم إن الناستوقفوا عن استخدامها، لعلمهم أنها امرأة أيوب، خوفاً أن ينالهم من بلائه، أو تعديهم بمخالطته. فلما لم تجد أحداً يستخدمها باعت لبعض بنات الأشراف إحدى ضفيرتيها بطعامطيب كثير، فأتت به أيوب، فقال: من أين لك هذا؟ وأنكره، فقالت: خدمت به أناساً، فلماكان الغد لم تجد أحداً، فباعت الضفيرة الأخرى بطعام فأتته به فأنكره أيضاً، وحلف لايأكله حتى تخبره من أين لها هذا الطعام؟ فكشفت عن رأسها خمارها، فلما رأى رأسهامحلوقاً، قال في دعائه: (رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين). وحلف أن يضربها مئة سوط إذا شفى.

    وقيل أنامرأة أيوبأخبرته أنها لقيتطبيبا في الطريق عرض أن يداوي أيوب إذا رضي أن يقول أنت شفيتي بعد علاجه، فعرف أيوبأن هذا الطبيب هو إبليس، فغضب وحلف أن يضربها مئة ضربة.

    أما ما كان من أمر صاحبي أيوب،فقدكانايغدوان إليه ويروحان, فقال أحدهما للآخر: لقد أذنب أيوب ذنبا عظيما وإلا لكشف عنههذا البلاء, فذكره الآخر لأيوب, فحزن ودعا الله. ثم خرج لحاجته وأمسكت امرأته بيدهفلما فرغ أبطأت عليه, فأوحى الله إليه أن اركض برجلك, فضرب برجله الأرض فنبعت عينفاغتسل منها فرجع صحيحا, فجاءت امرأته فلم تعرفه, فسألته عن أيوب فقال: إني أنا هو, وكان له أندران: أحدهما: للقمح والآخر: للشعير, فبعث الله له سحابة فأفرغت في أندرالقمح الذهب حتى فاض, وفي أندر الشعير الفضة حتى فاض.

    وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله لعيه وسلم قال: "بينما ‏‏أيوب يغتسل عريانا خر عليه رجل جراد من ذهب فجعل يحثي فيثوبه فناداه ربه يا ‏‏ أيوب ‏ ‏ألم أكن أغنيتك عما ترى قال بلى يا رب ولكن لا غنىلي عن بركتك" (رجل جراد ‏أي جماعة جراد).

    فلما عوفي أمره الله أن يأخذ عرجونا فيه مائة شمراخ (عود دقيق) فيضربها ضربة واحدة لكي لا يحنث في قسمه وبذلك يكون قد بر في قسمه. ثم جزى الله -عزوجل- أيوب -عليه السلام- على صبره بأن آتاه أهله (فقيل: أحيىاللهأبناءه. وقيل: آجره فيمن سلفوعوضه عنهم في الدنيا بدلهم، وجمع له شمله بكلهم في الدار الآخرة) وذكربعض العلماء أن الله رد على امرأته شبابها حتى ولدت لهستة وعشرين ولدا ذكرا.

    هذه أشهر رواية عن فتنة أيوب وصبره.. ولم يذكر فيها أي شيء عنتساقط لحمه، وأنه لم يبقى منه إلا العظم والعصب. فإننا نستبعد أن يكون مرضه منفراأو مشوها كما تقول أساطير القدماء.. نستبعد ذلك لتنافيه مع منصب النبوة..

    ويجدر التنبيه بأن دعاء أيوب ربه (أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ). قد يكون القصد منه شكوى أيوب -عليه السلام- لربه جرأة الشيطان عليه وتصوره أنهيستطيع أن يغويه. ولا يعتقد أيوب أن ما به من مرض قد جاء بسبب الشيطان. هذا هوالفهم الذي يليق بعصمة الأنبياء وكمالهم.

    وروى الطبري أن مدة عمره كانت ثلاثا وتسعين سنة فعلى هذا فيكونعاش بعد أن عوفي عشر سنين , والله أعلم. وأنه أوصى إلى ولده حومل، وقامبالأمر بعده ولده بشر بن أيوب، وهو الذي يزعم كثير من الناس أنه ذو الكفل فالله أعلم.
    Anonymous
    ????
    زائر


    hgt رد: احسن وافضل القصص في الدنيا -- الجزء الثاني--

    مُساهمة من طرف ???? الجمعة ديسمبر 18, 2009 1:55 am

    ذو الكفل عليه السلام

    نبذة:

    من الأنبياء الصالحين،وكان يصلي كل يوم مائة صلاة، قيل إنه تكفل لبني قومه أن يقضي بينهم بالعدل ويكفيهمأمرهم ففعل فسمي بذي الكفل.

    سيرته:

    قال أهل التاريخ ذو الكفل هو ابنأيوبعليه السلام وأسمه في الأصل (بشر) وقد بعثه الله بعدأيوبوسماه ذا الكفل لأنه تكفل ببعض الطاعات فوقي بها، وكان مقامه في الشام وأهل دمشقيتناقلون أن له قبرا في جبل هناك يشرف على دمشق يسمى قاسيون. إلا أن بعض العلماءيرون أنه ليس بنبي وإنما هو رجل من الصالحين من بني إسرائيل. وقد رجح ابن كثيرنبوته لأن الله تعالى قرنه مع الأنبياء فقال عز وجل:

    وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ(85)وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَاإِنَّهُم مِّنَ الصَّالِحِينَ(85) (الأنبياء)

    قال ابن كثير : فالظاهر من ذكره في القرآن العظيم بالثناء عليهمقرونا مع هؤلاء السادة الأنبياء أنه نبي عليه من ربه الصلاة والسلام وهذا هوالمشهور.

    والقرآن الكريم لم يزد على ذكر اسمه في عداد الأنبياء أما دعوتهورسالته والقوم الذين أرسل إليهم فلم يتعرض لشيء من ذلك لا بالإجمال ولا بالتفصيللذلك نمسك عن الخوض في موضوع دعوته حيث أن كثيرا من المؤرخين لم يوردوا عنه إلاالشيء اليسير. ومما ينبغي التنبه له أن (ذا الكفل) الذي ذكره القرآن هو غير (الكفل) الذي ذكر في الحديث الشريف ونص الحديث كما رواه الأمام أحمد عن ابن عمر رضي اللهعنهما قال: (كان الكفل من بني إسرائيل لا يتورع عن ذنب عملهفأتته امرأة فأعطاها ستين دينار على أن يطأها فلما قعد منها مقعد الرجل من امرأتهأرعدت وبكت فقال لها ما يبكيك ؟ أكرهتك ؟ قالت : لا ولكن هذا عمل لم أعمله قط وإنماحملتني عليه الحاجة ..قال : فتفعلين هذا ولم تفعليه قط ؟ ثم نزل فقال أذهبيبالدنانير لك ، ثم قال : والله لا يعصي الله الكفل أبدا فمات من ليلته فأصبح مكتوباعلى بابه : قد غفر الله للكفل). رواه الترمذي وقال: حديث حسن وروي موقوفاعلى ابن عمر وفي إسناده نظر. فإن كان محفوظا فليس هو ذا الكفل وإنما لفظ الحديثالكفل من غير إضافة فهو إذا رجل آخر غير المذكور في القرآن.

    ويذكر بعض المؤرخين أن ذا الكفل تكفل لبني قومه أن يكفيهم أمرهمويقضي بينهم بالعدل فسمي ذا الكفل وذكروا بعض القصص في ذلك ولكنها قصص تحتاج إلىتثبت وإلى تمحيص وتدقيق.

    الرجل الصالح:

    أما من يقول أن ذو الكفل لم يكن نبيا وإنما كان رجلا صالحا من بنيإسرائيل فيروي أنه كان في عهد نبي الله اليسع عليه السلام. وقد روي أنه لما كبراليسع قال لو أني استخلفت رجلاً على الناس يعمل عليهم فيحياتي حتى أنظر كيف يعمل؟ فجمع الناس فقال: من يتقبل لي بثلاث استخلفه: يصومالنهار، ويقوم الليل، ولا يغضب. فقام رجل تزدريه العين، فقال: أنا، فقال: أنت تصومالنهار، وتقوم الليل، ولا تغضب؟ قال: نعم. لكن اليسع -عليه السلام- ردّ الناس ذلك اليوم دون أن يستخلف أحدا. وفي اليوم التالي خرج اليسع -عليه السلام- على قومه وقال مثل ما قال اليوم الأول،فسكت الناس وقام ذلك الرجل فقال أنا. فاستخلف اليسع ذلكالرجل.

    فجعل إبليس يقول للشياطين: عليكم بفلان، فأعياهم ذلك. فقال دعونيوإياه فأتاه في صورة شيخ كبير فقير، وأتاه حين أخذ مضجعه للقائلة، وكان لا ينام الليل والنهار، إلا تلك النّومة فدقّ الباب. فقال ذو الكفل: من هذا؟ قال: شيخ كبيرمظلوم. فقام ذو الكفل ففتح الباب. فبدأ الشيخ يحدّثه عن خصومة بينه وبين قومه، ومافعلوه به، وكيف ظلموه، وأخذ يطوّل في الحديث حتى حضر موعد مجلس ذو الكفل بين الناس،وذهبت القائلة. فقال ذو الكفل: إذا رحت للمجلس فإنني آخذ لك بحقّك.

    فخرج الشيخ وخرج ذو الكفل لمجلسه دون أن ينام. لكن الشيخ لم يحضرللمجلس. وانفض المجلس دون أن يحضر الشيخ. وعقد المجلس في اليوم التالي، لكن الشيخلم يحضر أيضا. ولما رجع ذو الكفل لمنزله عند القائلة ليضطجع أتاه الشيخ فدق الباب،فقال: من هذا؟ فقال الشيخ الكبير المظلوم. ففتح له فقال: ألم أقل لك إذا قعدتفاتني؟ فقال الشيخ: إنهم اخبث قوم إذا عرفوا أنك قاعد قالوا لي نحن نعطيك حقك، وإذاقمت جحدوني. فقال ذو الكفل: انطلق الآن فإذا رحت مجلسي فأتني.

    ففاتته القائلة، فراح مجلسه وانتظر الشيخ فلا يراه وشق عليهالنعاس، فقال لبعض أهله: لا تدعنَّ أحداً يقرب هذا الباب حتى أنام، فإني قد شق عليّالنوم. فقدم الشيخ، فمنعوه من الدخول، فقال: قد أتيته أمس، فذكرت لذي الكفل أمري،فقالوا: لا والله لقد أمرنا أن لا ندع أحداً يقربه. فقام الشيخ وتسوّر الحائط ودخلالبيت ودق الباب من الداخل، فاستيقظ ذو الكفل، وقال لأهله: ألم آمركم ألا يدخل عليأحد؟ فقالوا: لم ندع أحدا يقترب، فانظر من أين دخل. فقام ذو الكفل إلى الباب فإذاهو مغلق كما أغلقه؟ وإذا الرجل معه في البيت، فعرفه فقال: أَعَدُوَّ اللهِ؟ قال: نعم أ[center][center]ذو الكفل عليه السلام

    نبذة:

    من الأنبياء الصالحين،وكان يصلي كل يوم مائة صلاة، قيل إنه تكفل لبني قومه أن يقضي بينهم بالعدل ويكفيهمأمرهم ففعل فسمي بذي الكفل.

    سيرته:

    قال أهل التاريخ ذو الكفل هو ابنأيوبعليه السلام وأسمه في الأصل (بشر) وقد بعثه الله بعدأيوبوسماه ذا الكفل لأنه تكفل ببعض الطاعات فوقي بها، وكان مقامه في الشام وأهل دمشقيتناقلون أن له قبرا في جبل هناك يشرف على دمشق يسمى قاسيون. إلا أن بعض العلماءيرون أنه ليس بنبي وإنما هو رجل من الصالحين من بني إسرائيل. وقد رجح ابن كثيرنبوته لأن الله تعالى قرنه مع الأنبياء فقال عز وجل:

    وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ(85)وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَاإِنَّهُم مِّنَ الصَّالِحِينَ(85) (الأنبياء)

    قال ابن كثير : فالظاهر من ذكره في القرآن العظيم بالثناء عليهمقرونا مع هؤلاء السادة الأنبياء أنه نبي عليه من ربه الصلاة والسلام وهذا هوالمشهور.

    والقرآن الكريم لم يزد على ذكر اسمه في عداد الأنبياء أما دعوتهورسالته والقوم الذين أرسل إليهم فلم يتعرض لشيء من ذلك لا بالإجمال ولا بالتفصيللذلك نمسك عن الخوض في موضوع دعوته حيث أن كثيرا من المؤرخين لم يوردوا عنه إلاالشيء اليسير. ومما ينبغي التنبه له أن (ذا الكفل) الذي ذكره القرآن هو غير (الكفل) الذي ذكر في الحديث الشريف ونص الحديث كما رواه الأمام أحمد عن ابن عمر رضي اللهعنهما قال: (كان الكفل من بني إسرائيل لا يتورع عن ذنب عملهفأتته امرأة فأعطاها ستين دينار على أن يطأها فلما قعد منها مقعد الرجل من امرأتهأرعدت وبكت فقال لها ما يبكيك ؟ أكرهتك ؟ قالت : لا ولكن هذا عمل لم أعمله قط وإنماحملتني عليه الحاجة ..قال : فتفعلين هذا ولم تفعليه قط ؟ ثم نزل فقال أذهبيبالدنانير لك ، ثم قال : والله لا يعصي الله الكفل أبدا فمات من ليلته فأصبح مكتوباعلى بابه : قد غفر الله للكفل). رواه الترمذي وقال: حديث حسن وروي موقوفاعلى ابن عمر وفي إسناده نظر. فإن كان محفوظا فليس هو ذا الكفل وإنما لفظ الحديثالكفل من غير إضافة فهو إذا رجل آخر غير المذكور في القرآن.

    ويذكر بعض المؤرخين أن ذا الكفل تكفل لبني قومه أن يكفيهم أمرهمويقضي بينهم بالعدل فسمي ذا الكفل وذكروا بعض القصص في ذلك ولكنها قصص تحتاج إلىتثبت وإلى تمحيص وتدقيق.

    الرجل الصالح:

    أما من يقول أن ذو الكفل لم يكن نبيا وإنما كان رجلا صالحا من بنيإسرائيل فيروي أنه كان في عهد نبي الله اليسع عليه السلام. وقد روي أنه لما كبراليسع قال لو أني استخلفت رجلاً على الناس يعمل عليهم فيحياتي حتى أنظر كيف يعمل؟ فجمع الناس فقال: من يتقبل لي بثلاث استخلفه: يصومالنهار، ويقوم الليل، ولا يغضب. فقام رجل تزدريه العين، فقال: أنا، فقال: أنت تصومالنهار، وتقوم الليل، ولا تغضب؟ قال: نعم. لكن اليسع -عليه السلام- ردّ الناس ذلك اليوم دون أن يستخلف أحدا. وفي اليوم التالي خرج اليسع -عليه السلام- على قومه وقال مثل ما قال اليوم الأول،فسكت الناس وقام ذلك الرجل فقال أنا. فاستخلف اليسع ذلكالرجل.

    فجعل إبليس يقول للشياطين: عليكم بفلان، فأعياهم ذلك. فقال دعونيوإياه فأتاه في صورة شيخ كبير فقير، وأتاه حين أخذ مضجعه للقائلة، وكان لا ينام الليل والنهار، إلا تلك النّومة فدقّ الباب. فقال ذو الكفل: من هذا؟ قال: شيخ كبيرمظلوم. فقام ذو الكفل ففتح الباب. فبدأ الشيخ يحدّثه عن خصومة بينه وبين قومه، ومافعلوه به، وكيف ظلموه، وأخذ يطوّل في الحديث حتى حضر موعد مجلس ذو الكفل بين الناس،وذهبت القائلة. فقال ذو الكفل: إذا رحت للمجلس فإنني آخذ لك بحقّك.

    فخرج الشيخ وخرج ذو الكفل لمجلسه دون أن ينام. لكن الشيخ لم يحضرللمجلس. وانفض المجلس دون أن يحضر الشيخ. وعقد المجلس في اليوم التالي، لكن الشيخلم يحضر أيضا. ولما رجع ذو الكفل لمنزله عند القائلة ليضطجع أتاه الشيخ فدق الباب،فقال: من هذا؟ فقال الشيخ الكبير المظلوم. ففتح له فقال: ألم أقل لك إذا قعدتفاتني؟ فقال الشيخ: إنهم اخبث قوم إذا عرفوا أنك قاعد قالوا لي نحن نعطيك حقك، وإذاقمت جحدوني. فقال ذو الكفل: انطلق الآن فإذا رحت مجلسي فأتني.

    ففاتته القائلة، فراح مجلسه وانتظر الشيخ فلا يراه وشق عليهالنعاس، فقال لبعض أهله: لا تدعنَّ أحداً يقرب هذا الباب حتى أنام، فإني قد شق عليّالنوم. فقدم الشيخ، فمنعوه من الدخول، فقال: قد أتيته أمس، فذكرت لذي الكفل أمري،فقالوا: لا والله لقد أمرنا أن لا ندع أحداً يقربه. فقام الشيخ وتسوّر الحائط ودخلالبيت ودق الباب من الداخل، فاستيقظ ذو الكفل، وقال لأهله: ألم آمركم ألا يدخل عليأحد؟ فقالوا: لم ندع أحدا يقترب، فانظر من أين دخل. فقام ذو الكفل إلى الباب فإذاهو مغلق كما أغلقه؟ وإذا الرجل معه في البيت، فعرفه فقال: أَعَدُوَّ اللهِ؟ قال: نعم أعييتني في كل شيء ففعلت كل ما ترى لأغضبك.

    فسماه الله ذا الكفل لأنه تكفل بأمر فوفى به!
    عييتني في كل شيء ففعلت كل ما ترى لأغضبك.

    فسماه الله ذا الكفل لأنه تكفل بأمر فوفى به![/center]
    [/center]
    Anonymous
    ????
    زائر


    hgt رد: احسن وافضل القصص في الدنيا -- الجزء الثاني--

    مُساهمة من طرف ???? الجمعة ديسمبر 18, 2009 1:57 am

    يونس عليه السلام

    نبذة:

    أرسله الله إلى قوم نينوىفدعاهم إلى عبادة الله وحده ولكنهم أبوا واستكبروا فتركهم وتوعدهم بالعذاب بعد ثلاثليال فخشوا على أنفسهم فآمنوا فرفع الله عنهم العذاب، أما يونس فخرج في سفينةوكانوا على وشك الغرق فاقترعوا لكي يحددوا من سيلقى من الرجال فوقع ثلاثا على يونسفرمى نفسه في البحر فالتقمه الحوت وأوحى الله إليه أن لا يأكله فدعا يونس ربه أنيخرجه من الظلمات فاستجاب الله له وبعثه إلى مائة ألف أويزيدون

    سيرته:

    كان يونس بن متى نبيا كريما أرسله الله إلى قومه فراح يعظهم،وينصحهم، ويرشدهم إلى الخير، ويذكرهم بيوم القيامة، ويخوفهم من النار، ويحببهم إلىالجنة، ويأمرهم بالمعروف، ويدعوهم إلى عبادة الله وحده. وظل ذو النون -يونس عليه السلام- ينصح قومه فلم يؤمن منهم أحد.

    وجاء يوم عليه فأحس باليأس من قومه.. وامتلأ قلبه بالغضب عليهملأنهم لا يؤمنون، وخرج غاضبا وقرر هجرهم ووعدهم بحلول العذاب بهم بعد ثلاثة أيام. ولا يذكر القرآن أين كان قوم يونس. ولكن المفهوم أنهم كانوا في بقعة قريبة منالبحر. وقال أهل التفسير: بعث الله يونس عليه السلام إلى أهل (نينوى) من أرضالموصل. فقاده الغضب إلى شاطىء البحر حيث ركب سفينة مشحونة. ولم يكن الأمر الإلهيقد صدر له بأن يترك قومه أو ييأس منهم. فلما خرج من قريته، وتأكد أهل القرية مننزول العذاب بهم قذف الله في قلوبهم التوبة والإنابة وندموا على ما كان منهم إلىنبيهم وصرخوا وتضرعوا إلى الله عز وجل، وبكى الرجال والنساء والبنون والبناتوالأمهات. وكانوا مائة ألف يزيدون ولا ينقصون. وقد آمنوا أجمعين. فكشف الله العظيمبحوله وقوته ورأفته ورحمته عنهم العذاب الذي استحقوه بتكذيبهم.

    أمر السفينة:

    أما السفينة التي ركبها يونس، فقد هاج بها البحر، وارتفع من حولهاالموج. وكان هذا علامة عند القوم بأن من بين الركاب راكباً مغضوباً عليه لأنه ارتكبخطيئة. وأنه لا بد أن يلقى في الماء لتنجو السفينة من الغرق. فاقترعوا على من يلقونه من السفينة . فخرج سهم يونس -وكان معروفاً عندهم بالصلاح- فأعادوا القرعة،فخرج سهمه ثانية، فأعادواها ثالثة، ولكن سهمه خرج بشكل أكيد فألقوه في البحر -أوألقى هو نفسه. فالتقمه الحوت لأنه تخلى عن المهمة التي أرسله الله بها, وترك قومهمغاضباً قبل أن يأذن الله له. وأحى الله للحوت أن لا يخدش ليونس لحما ولا يكسر لهعظما. واختلف المفسرون في مدة بقاء يونس في بطن الحوت، فمنهم من قال أن الحوتالتقمه عند الضحى، وأخرجه عند العشاء. ومنهم من قال انه لبث في بطنه ثلاثة أيام،ومنهم من قال سبعة.

    يونس في بطن الحوت:

    عندما أحس بالضيق في بطن الحوت، في الظلمات -ظلمة الحوت، وظلمةالبحر، وظلمة الليل- سبح الله واستغفره وذكر أنه كان من الظالمين. وقال: (لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَسُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ). فسمع الله دعاءه واستجاب له. فلفظه الحوت. (فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون). وقد خرج منبطن الحوت سقيماً عارياً على الشاطىء. وأنبت الله عليه شجرة القرع. قال بعض العلماءفي إنبات القرع عليه حِكَم جمة. منها أن ورقه في غاية النعومة وكثير وظليل ولايقربه ذباب، ويؤكل ثمره من أول طلوعه إلى آخره نياً ومطبوخاً، وبقشره وببزره أيضاً. وكان هذا من تدبير الله ولطفه. وفيه نفع كثير وتقوية للدماغ وغير ذلك. فلما استكمل عافيته رده الله إلى قومه الذين تركهم مغاضباً.

    ‏فضل يونس عليه السلام:

    لقد وردت أحاديث كثيرة عن فضل يونس عليه السلام، منها قول النبي‏‏صلى الله عليه وسلم: "‏لا ينبغي لعبد أن يقول أنا خير من ‏‏يونس بن متى" وقوله عليه الصلاة والسلام: "من قال أناخير من ‏‏ يونس بن متى ‏ ‏فقد كذب".

    ذنب يونس عليه السلام:

    نريد الآن أن ننظر فيما يسميه العلماء ذنب يونس. هل ارتكب يونسذنبا بالمعنى الحقيقي للذنب؟ وهل يذنب الأنبياء. الجواب أن الأنبياء معصومون.. غيرأن هذه العصمة لا تعني أنهم لا يرتكبون أشياء هي عند الله أمور تستوجب العتاب. المسألة نسبية إذن.

    يقول العارفون بالله: إن حسنات الأبرار سيئات المقربين.. وهذاصحيح. فلننظر إلى فرار يونس من قريته الجاحدة المعاندة. لو صدر هذا التصرف من أيإنسان صالح غير يونس.. لكان ذلك منه حسنة يثاب عليها. فهو قد فر بدينه من قوم مجرمين.

    ولكن يونس نبي أرسله الله إليهم.. والمفروض أن يبلغ عن الله ولايعبأ بنهاية التبليغ أو ينتظر نتائج الدعوة.. ليس عليه إلا البلاغ.

    خروجه من القرية إذن.. في ميزان الأنبياء.. أمر يستوجب تعليم اللهتعالى له وعقابه.

    إن الله يلقن يونس درسا في الدعوة إليه، ليدعو النبي إلى اللهفقط. هذه حدود مهمته وليس عليه أن يتجاوزها ببصره أو قلبه ثم يحزن لأن قومه لايؤمنون.

    ولقد خرج يونس بغير إذن فانظر ماذا وقع لقومه. لقد آمنوا به بعدخروجه.. ولو أنه مكث فيهم لأدرك ذلك وعرفه واطمأن قلبه وذهب غضبه.. غير أنه كانمتسرعا.. وليس تسرعه هذا سوى فيض في رغبته أن يؤمن الناس، وإنما اندفع إلى الخروجكراهية لهم لعدم إيمانهم.. فعاقبه الله وعلمه أن على النبي أن يدعو لله فحسب. والله يهدي من يشاء
    Anonymous
    ????
    زائر


    hgt رد: احسن وافضل القصص في الدنيا -- الجزء الثاني--

    مُساهمة من طرف ???? الجمعة ديسمبر 18, 2009 1:58 am

    نكمل بقية القصص في الاجزاء القادمة انتظروني

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 02, 2024 9:02 pm